يمكن القول إن لبنان دخل أجواء مرحلة التقرير الذي أعده رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سيرج براميرتس حول تقدم التحقيقات في هذه القضية، والذي سيقدمه الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، الجمعة المقبل، استناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية.
ويتزامن تقديم التقرير بعد ساعات على انعقاد جلسة أخرى من جلسات الحوار الوطني غدا الخميس، ما يؤكد أهمية التوقيت في إبعاد مؤثرات العناصر الإقليمية عن الساحة اللبنانية، التي تضاعفت مساعيها في الفترة الأخيرة للقيام بعملية استباقية لصدور التقرير وتداعياته، لعرقلة استكمال الخطوات الرسمية اللبنانية في اتجاه مستلزمات إنشاء المحكمة الدولية ـ اللبنانية المختلطة، فضلاً عن إبعاد هذه العناصر عن طاولة الحوار الوطني، والمواقف التي يرتقب أن تتخذ خلاله، وجعلها أكثر تقارباً.
وكشفت المصادر، أن مجلس الأمن الدولي سيستمع الى براميرتس في شرح للتقرير في جلسة يعقدها في الرابع عشر من الشهر الجاري، وسيكون قسم منها علنيا، والآخر مغلقا، ومخصصا للمشاورات التي ستجريها الدول الـ15 الأعضاء، لبحث مسودة مشروع قرار سيصدره المجلس في ضوئها ويتضمن التمديد للجنة التحقيق ولبراميرتس ولاية أخرى مدتها سنة، بناء على طلب الحكومة اللبنانية في هذا الشأن.
أما عن مضمون مشروع القرار المتصل بالتعاون السوري مع التحقيق، فإن ما سينص عليه التقرير سيحدد لهجة القرار حول ضرورة هذا التعاون، على أن المشاورات الدولية ولا سيما الأميركية ـ الفرنسية بدأت منذ الآن، الاستعداد لما سيكون عليه نص مشروع القرار في ضوء الاحتمالات التي سترد في التقرير.
وكشفت المصادر أيضاً أن التقرير سيتميّز بسمات عدة أبرزها: عدم تضمينه أي أسماء محددة متهمة بالضلوع بالجريمة، وإن كانت الأسماء التي يجري التحقيق حولها، ومعها واردة في ملفات التحقيق السرية. إلا أن براميرتس في منهجيته لن يعلن في تقريره أسماء قبل الفراغ من تحقيقاته، وأن التقرير سيلحظ تقدما معينا في التحقيق، وإن كان لا يُبدِي تماما كل تفاصيل ما توصل إليه التحقيق. وسيورد التقرير العديد من العوامل القانونية لتبرير التمديد لعمل لجنة التحقيق، وسيكون ذا طابع مرحلي وغير نهائي.
وأوضحت المصادر أن طابع التقرير المرتقب، سيكون متوازياً مع المرحلة الراهنة من عملية إنشاء المحكمة التي سيتم توقيع "الاتفاق ـ البرتوكول" بشأنها بين لبنان والأمم المتحدة في تموز المقبل، وبالتالي يتطلب عدم اعلان أسماء لسلامة سير العملية القضائية، بحيث إنه في ظل وجود المحكمة يمكن في المرحلة اللاحقة أن يقدم براميرتس قراراً إتهامياً، عبرها، بدلاً من أن يخضع أي اتهام لأسماء في التقرير، قبل إنشائها، الى عمل المدعي العام اللبناني، والذي قد يُسهّل على الجهات غير اللبنانية المحتمل أن يطالها الاتهام، أن تتعامل مع مذكرات الجلب اللبنانية على أساس أنها مذكرات سياسية لا جنائية. ووجود المحكمة مهم قبل توجيه القرار الظني.
وقالت المصادر إن أنان سيوزع التقرير على الدول الأعضاء في المجلس قبل 48 ساعة من الجلسة المخصصة للاستماع لبراميرتس. وستنكب هذه الدول على درسه، ووضع ملاحظاتها عليه، وعلى السبل اللازمة للنظر به في المجلس، من خلال مشروع القرار الذي ستعده واشنطن وباريس، اللتان تعلقان أهمية كبرى على وجوب التزام سوريا التعاون، فيما ترى روسيا الاتحادية والصين، أنه يجب انتظار نتائج التحقيق، وعدم استباقها.
وأشارت المصادر الى أن أنان يبذل جهوداً كبيرة في المشاورات حول إنشاء المحكمة، ووضع مرجعياتها، كما في موضوع حسم مسألة التمديد لبراميرتس الذي وافق على التمديد له، وهو اجرى اتصالات مكثفة مع المحكمة الجنائية الدولية التي وافقت هي ايضا على تمديد مهمة براميرتس، وفق الشروط نفسها، لدى تعيينه في كانون الأول الماضي، وهي قبولها بحفظ عضويته فيها.
الى ذلك، يواكب لبنان، من كثب، مرحلة صدور التقرير والنظر به في مجلس الأمن والتجديد لعمل اللجنة بقرار جديد، بإيفاده الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين بالوكالة مدير الشؤون السياسية والقنصلية السفير بطرس عساكر الى الأمم المتحدة، وهو يغادر بيروت الى نيويورك فجر اليوم الأربعاء لهذه الغاية. وسيجري هناك مشاورات مع الأمانة العامة للأمم المتحدة وممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، كما سيلتقي هناك براميرتس، الذي زار امس وزير الخارجية والمغتربين ووضعه في صورة مهمته، والأطر العامة لذلك.
وسيلقي عساكر كلمة لبنان أثناء جلسة المجلس في هذا الشأن. ويجري مشاورات مع المعنيين حول إنشاء المحكمة والملف بأكمله، لدى المنظمة الدولية.
ولاحظت المصادر أن براميرتس زار واشنطن وباريس قبل التجديد المرتقب له، وفي ضوء ذلك، دعا مسؤولون أميركيون سوريا الى التعاون مع التحقيق. كما جرى تبادل وجهات النظر بين براميرتس وهذه العواصم لضرورة إبعاد التحقيق عن السياسات في المنطقة، والإبقاء على شفافيته وسريته.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.