8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لبنان يدرس الطريقة الملائمة للشكوى ويسعى لاحتواء الرسائل الإسرائيلية والإيرانية والسورية

تستبعد مصادر ديبلوماسية بارزة في بيروت ان يطلب لبنان انعقاد مجلس الأمن الدولي للنظر في شكوى ضد إسرائيل على اعتداءاتها الواسعة الأحد الماضي والتي طالت المدنيين اللبنانيين والسيادة اللبنانية.
إلا ان لبنان يدرس الطريقة التي سيتم خلالها إبلاغ الأمم المتحدة بهذه الاعتداءات، وهي خطوة حتمية يرتقب ان تحصل بطريقة العلم والخبر في إطار "كتاب شكوى" لا يلزم المجلس القيام بتحرك محدود.
وتشير المصادر إلى ان مقتضيات دراسة الطريقة تأتي في ضوء عنصرين أساسيين ركزت عليهما التدخلات الأميركية والفرنسية التي أدت بناء على طلب الحكومة اللبنانية، إلى وقف التصعيد العسكري، وهما: ضرورة ان يتوصل اللبنانيون إلى تفاهم نهائي حول القرار 1559، لا سيما ما هو متصل بسلاح الميليشيات، وهو مطلب دولي من شأنه تعزيز المناخ الايجابي المطلوب في المنطقة بالنسبة إلى السلم والأمن الدوليين، ثم ضرورة انتظار الخطوة التي ستقوم بها إسرائيل تجاه الأمم المتحدة التي كانت أمس دوائرها مقفلة في نيويورك في موضوع الصواريخ التي استهدفتها.
لذلك، يخشى لبنان من ان يواجه أي طلب يقدمه لانعقاد المجلس لغرض الشكوى من ان يكون مناسبة أمام الدول الكبرى لتحميله مسؤولية عدم التوصل إلى هذا التفاهم، خصوصاً ان هذه الدول تعتبر ان الردّ على إسرائيل لاتهامها بانفجار صيدا، لم يكن بناء على أدلة واثباتات.
وتؤكد المصادر، ان مرحلة الدخول الإسرائيلي على خط التطورات اللبنانية، قد استؤنفت بعد فترة ترقب، من جراء الأوضاع الداخلية الإسرائيلية، جعلت تل ابيب أكثر استماعاً للضغوط الدولية حول الملف اللبناني. إلا انه بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي باشرت وضع، اجندتها بدأ رئيسها ايهود أولمرت بتسويقها دولياً بدءاً من زيارته لواشنطن. من هنا تولي المصادر، أهمية كبيرة للدور الملقى على عاتق الحكومة اللبنانية في الإعداد لاستراتيجية الاحتواء المثلث للرسائل المتبادلة إسرائيلياً وسورياً وإيرانياً عبر الساحة الجنوبية، وسط وعود أميركية لأولمرت في نقطتين: الأولى: مساحة تحرك إسرائيلية غير محدودة لتعطيل أي أداة تشكل خطراً على أمنها في المنطقة. وبالتالي من الجانب اللبناني هناك ما تعتبره إسرائيل أدوات إيرانية وسورية كـ"حزب الله"، والفصائل الفلسطينية. لذلك باشرت إسرائيل حملة استباقية تجلت في عملية صيدا والرد القاسي الذي طال المدنيين والتهديد بضربة مؤلمة جداً، في رسالة موجهة، فضلاً عن سوريا وإيران، إلى السلطة اللبنانية بضرورة حسم موقفها من السلاح ونزعه على عتبة انعقاد جلسة الحوار اللبناني الداخلي في الثامن من حزيران المقبل، وتحميلها المسؤولية من الآن وصاعداً بالنسبة إلى أي خطر أمني ضد إسرائيل.
والثانية: إعطاء أولمرت ضمانات أميركية بأن واشنطن سترد على طهران، في حال تعرضت إسرائيل لضربة إيرانية على الرغم من المساعي الأميركية ـ الإيرانية في اتجاه الحلول السلمية للملف النووي الإيراني.
وفي مقابل العمليات الإسرائيلية ضد المدنيين اللبنانيين والسلاح الذي استخدم للمرة الأولى في مجال قدرته التدميرية والرسائل التي يحملها، بالنسبة إلى عدم التهاون منذ الآن وصاعداً مع الضربات، حافظت عمليات "حزب الله" على عدم تخطي القواعد التي تسود العمليات في الجنوب منذ "تفاهم نيسان" 1996، وهي تلافي استهداف المدنيين، فركزت على استهداف قيادة الجليل، وحصر العمليات على أرض منطقة شبعا وتتوقع المصادر، ان تبلور الحكومة اللبنانية الاستراتيجية الاحتوائية المطلوبة في مرحلة ما بعد تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 15 حزيران المقبل، بإحالة كافة المواضيع التي تواجه تعقيدات داخلية على طاولة الحوار الوطني، واعتباره الأرضية الصلبة التي يمكن من خلالها مواجهة الاستحقاقات ذات الأبعاد الإقليمية، وحيث ليس من فريق يتحمل مسؤولية إفشال الحوار حولها.
ووفقاً لذلك، تتابع المصادر، يمكن احتواء الوتيرة التي سترفعها "جماعة سوريا" في لبنان، في ضوء ما أدركته سوريا نتيجة عمليات الأحد حول المدى الذي يجب ان تقف عنده، أي حدود إسرائيل، بالنسبة إلى مسألة توظيف سلاح الميليشيات في لبنان لخدمة اجندتها وبذلك، يمكن للحوار الوطني التقدم في حل موضوع السلاح، بدلاً من ان تقوم إسرائيل بنفسها بالدفاع عن تنفيذ القرار 1559 وضرب كل المواقع المتصلة بالسلاح داخل الأراضي اللبنانية.
كذلك يمكن للحوار احتواء الإنعكاسات المحتملة سياسياً وأمنياً للمفاوضات الإيرانية ـ الأميركية المتوقعة، ما يجعله في الوقت عينه غرفة طوارئ موقتة لتنفيس الملفات الأمنية والسياسية ريثما يجري ايجاد الحل لمشكلة تعطيل المؤسسات ودورها، فضلاً عن الشروع في ملف الإصلاحات لإظهار مدى الرغبة في بناء الدولة القوية والقادرة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00