8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هل ينجح زكي في المفاوضات مع الحكومة بمنع استعمال ورقة اللاجئين في التباين الداخلي؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية لبنانية ان هناك مسألتين أساسيتين لا بد للجانبين اللبناني والفلسطيني من أخذهما بالاعتبار أثناء المشاورات الثنائية المتوقعة بينهما، والتي ستلي الخطوة الايجابية بافتتاح المكتب التمثيلي الفلسطيني اليوم، في بيروت، بعد اقفال منذ العام 1982 لدى الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
والمسألتان هما: وضع الحكومة لتصور لبناني يتمّ بموجبه تحديد الصلاحيات التي قد تصل إليها مهمة المكتب في لبنان على صعيد العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية، إن بالنسبة إلى الدور السياسي أو القنصلي للاجئين، أو الخدماتي ـ الاجتماعي ـ الانساني المتعلق بأوضاعهم هذا عن الجانب اللبناني. اما المسألة الثانية، فهي متصلة بالجانب الفلسطيني، فيقتضي التنبه وعدم السماح باستعمال الورقة الفلسطينية كوقود لأي تباين في المواقف الداخلية اللبنانية، أو اللبنانية ـ الإقليمية، أثناء العملية السياسية الدائرة حالياً في لبنان، لأن السماح باستعمالها لا يخدم الوضع الفلسطيني في لبنان، ولا الدولة اللبنانية ومساعيها للاستقرار وبسط سيادتها على كامل أراضيها. وبالتالي، فإن التنبه المطلوب، سيجعل السلطة اللبنانية أكثر قدرة على تنفيذ توجهها الجديد، بالنسبة إلى النظر في حقوق اللاجئين الانسانية والمساعدة في استقطاب الدعم الدولي لهذا الموضوع، عبر وكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم التابعة للأمم المتحدة "أونروا".
كما ان مستلزمات "تطوير العلاقات الأخوية" التي نص عليها قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعيين عباس زكي ممثلاً لمنظمة التحرير في لبنان، تستوجب من الجانب الفلسطيني الحرص على عدم الدخول في موضوع التفاوت في وجهات النظر الداخلية، أثناء مرحلة المراوحة التي تسيطر على الحوار الوطني اللبناني، بالنسبة إلى بقية البنود المطروحة للنقاش، وما هو متصل بهذا التفاوت من دور سوري وإقليمي، وأيضاً أثناء موعد البحث في مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، وموعد الحوار لتطبيق الجدول الزمني لإنهاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الذي أقر في الحوار.
ولاحظت المصادر ان زكي استبق تعيينه الذي كان متوقعاً لهذه المهمة، كونه كان "مفوض الساحة اللبنانية"، بالإضافة الى عضويته في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، بإرسال جملة إشارات ايجابية في اتجاه الحكومة اللبنانية، أبرزها تشديده على أهمية الحوار اللبناني الداخلي، وعلى انه يثمن الإجراءات اللبنانية لتخفيف المعاناة في مخيمات اللجوء في لبنان، وزيارة اللجنة الوزارية اللبنانية للمخيمات، الأمر الذي يجعل المصادر تنظر بإيجابية إلى وجود بداية سليمة لاستئناف العلاقات بين الطرفين. وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تشكيل الوفد الفلسطيني الذي سيرأسه عباس للحوار مع الحكومة اللبنانية، بعدما كان لبنان شكل وفده لهذه الغاية. وبدوره، إذا نفذ زكي التوجيهات التي طلب إليه الرئيس الفلسطيني القيام بها في مهمته، فإن آلية نزع السلاح خارج المخيمات ستحتل الأولوية خلال البحث بين الطرفين في تنفيذ مقررات مؤتمر الحوار اللبناني، ولا سيما ما هو متصل بترسيم الحدود مع سوريا، وإثبات لبنانية مزارع شبعا، وإقامة العلاقات الديبلوماسية بين بيروت ودمشق.
لذلك، امام زكي استحقاق كبير، وهو انجاح الاتصالات مع الفصائل التي تتأثر بسوريا والتي لديها السلاح خارج المخيمات، وخصوصاً "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة" لتسليم سلاحها. وقد طلب الرئيس الفلسطيني من زكي ان يحاور كل الفصائل حتى التي هي غير ملتزمة بقرار منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، والعمل معها، وأعطاه صلاحيات مطلقة في ذلك، للتمكن من حل معضلة المرجعية الواحدة للفلسطينيين، ولا سيما في العلاقة مع لبنان، وتذليل العقبات التي تقف في وجه المبدأ الذي يشدد عليه أبو مازن، وهو ان الفلسطينيين في لبنان تحت سلطة القانون.
وفي هذا الإطار، تطرح المصادر علامات استفهام حول ما اذا كانت انطلاقة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني حول نزع السلاح المخيمات ستتأثر بالأجواء السائدة بالنسبة إلى التعاون السوري مع مقررات الحوار الأخرى، أم انها ستتمكن من تجاوزها؟ وهل ستتأثر انطلاقته ايضاً، بمستقبل البحث في نزع سلاح "حزب الله" اللبناني الذي يتزامن بحثه مع بحث نزع السلاح داخل المخيمات، بحيث يجعل المجتمع الدولي يوجه دعوة إلى السلطة الفلسطينية لتعاون يضاف إلى التعاون المطلوب سوريا حول ذلك؟. ام انه سيتم العمل لفصل الزخم في الحوار اللبناني ـ الفلسطيني عن أي حوار آخر خاضع للعديد من العوامل التي تجعله متعثراً، وعزله عن الأوضاع التي تتحكم بمسيرة الحوار الوطني؟.
ويبدو مهماً بالنسبة إلى لبنان وجود رئيس للمكتب الفلسطيني يمثل المنظمة لكونها الطرف الذي يفاوض اسرائيل عن الشعب الفلسطيني لما سيكون لذلك من انعكاس على العلاقة السياسية اللبنانية باللاجئين، ولا سيما انتظاره بحث الحل النهائي وحق العودة وقيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وخضوع ظروف وجودهم في لبنان لاتضاح الحلول في هذه النقاط التي نصت عليها المبادرة العربية للسلام.
ويرتقب ان تحدد الحكومة اللبنانية طبيعة الرعاية التي سيوفرها المكتب للاجئين بشكل لا يتعارض مع السيادة اللبنانية ولا مع القوانين اللبنانية، وخصوصاً قواعد التعاطي مع الإدارات الرسمية التي ستقدم التسهيلات الاجتماعية، مع ضرورة التأكيد ان "الأونروا" هي المشرف الرئيسي على التطورات في تحسين أوضاعهم.
وترى المصادر ان الجهود التي تقوم بها منظمة التحرير لاستيعاب كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" لكي تبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، عبر الإصلاح الذاتي وإجراء انتخابات فيها، ستنعكس ايجاباً على وحدة الموقف الفلسطيني في لبنان، وتسهيل عملية التفاوض حول المسائل الأمنية والاجتماعية المطروحة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00