أوضحت مصادر ديبلوماسية في واشنطن ان الولايات المتحدة الأميركية تشجع على استئناف الحوار الوطني اللبناني، لأنه السبيل الوحيد لتعزيز الاستقرار في لبنان، عبر التفاهم من دون اي راع على مختلف المسائل المطروحة للبحث، وبالتالي فإن من شأن هذا الاستقرار، ان يساهم في عزل الوضع اللبناني عن انعكاسات أي تطورات كبيرة قد تشهدها المنطقة في وقت لاحق.
وأوضحت أيضاً، ان ثمة رغبة اميركية أبلغت الى المسؤولين اللبنانيين بضرورة الاستفادة من هذه المرحلة لاستعجال تثبيت خطوات متقدمة في الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، بما في ذلك الاتفاق عى الخطة الاصلاحية، وبرغبة واشنطن في تلبية طلبات المساعدة التي تراها الحكومة اللبنانية لازمة، وباستعدادها لبحث الدعم للبنان مع دول أخرى في مختلف المجالات، ما يلقي على عاتق الحكومة اللبنانية عملية استعادة الزخم ومسك زمام الأمور، تماماً على غرار المرحلة التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتأكيد دور المحاور الأساسي في البلاد، الذي يتمتع به رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، ودور المبادر لما يصب في مصلحة الاستقرار الداخلي.
وتؤكد المصادر، ان واشنطن تراقب بدقة، ما اذا كان الحوار سيشهد خطوات تراجعية، او تملصاً من الالتزامات السابقة التي كان قررها المحاورون، في الوقت الذي ترى العاصمة الأميركية، ان الحوار جيد من خلال العديد من المؤشرات ابرزها، انقلاب سوريا ضده، بعدما شكلت نتائجه التي ظهرت عامل احراج بالنسبة اليها. لذلك، من المهم بالنسبة الى واشنطن استمرار الحوار، ولو استغرق التوصل الى نتائج وقتاً، لما يحمله ذلك من رسائل بالغة الأهمية الى الجميع في الداخل والخارج حول ارادة اللبنانيين ولبننة قراراتهم وأجنداتهم.
ولاحظت المصادر، عودة اللهجة الأميركية الشديدة حيال سوريا، ان بالنسبة الى ضرورة التعاون مع جهود الحكومة لتنفيذ بقية بنود القرار 1559، أو بالنسبة، الى التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري من خلال القرار الرئاسي بتجميد أرصدة أي كان له علاقة بالجريمة. ولاحظت، في المقابل، تصعيداً سورياً بدل التعاون، خصوصاً حول مقتضيات التعاون مع الحكومة اللبنانية ومع مقررات الحوار الوطني، ان من خلال عرقلة انهاء عمل رئيس الجمهورية اميل لحود، او من خلال تعزيز وجوه سياسية كانت غائبة من اجل اعادة الجبهة القديمة المعرقلة، كأحد مظاهر الترويج لفترة الارتياح وزوال الضغوط التي تواجه سوريا بفعل التطورات الاقليمية، لا سيما الملف العراقي والموضوع الايراني.
وكل هذا التشدد، والتشدد المقابل، يشير بحسب المصادر الى ان هذه المرحلة هي مقدمة لتقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة سيرج براميرتس في 15 حزيران المقبل، ولانشاء المحكمة المختلطة اللبنانية ـ الدولية في الجريمة، مع التخوف المستجد من ان يواكب هذه المرحلة، من اعمال امنية بغية التأثير في الاستقرار.
وتتوقع المصادر، استمرار عدم التعاون السوري في انتظار نتائج التحقيق الدولي في الجريمة، وان لا تقدم سوريا على اي خطوة في اتجاه لبنان قبل انتهاء التحقيق ومعرفة المستوى السياسي الذي سيبلغه القرار الاتهامي في الجريمة وما اذا سيحمل ادانات جديدة واسماء متهمين جدد، او ان رأس النظام سيكون بعيداً عن ذلك.
وأكدت المصادر ان وصول التحقيق الى ادانات جديدة سينعكس حتماً على الساحة اللبنانية محاولات للتأثير سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وستزيد سوريا من الارتكاز على العوامل التي تخشاها دول المنطقة المجاورة لها، بما فيها اسرائيل، والتي تفضل عدم المواجهة مع سوريا لكي لا تصل الأمور الى تغيير سريع، غير محسوم النتائج يمكن ان يخلق حال عدم استقرار شامل في المنطقة. وهي العوامل التي تبلغتها واشنطن من كل هذه الدول عبر القنوات الديبلوماسية، ومن غير الواضح ما اذا كانت الادارة الأميركية ستعمل لتغيير هذا الموقف، ام انها ستأخذه في الاعتبار، في حال صح الاحتمال الثاني لنتائج التحقيق.
وتفيد المصادر ان واشنطن تسعى لتجنب أي تأثير مرحلة الترقب الاقليمي والدولي السائدة على الاستحقاقات اللبنانية الداخلية، في ظل انتظار بلورة مسألتين: الأولى: تعامل المجتمع الدولي مع ايران، وما اذا كانت الأمور ستصل الى التصعيد العسكري، وما اذا كان سيسبق احتمال حصول ذلك انسحاب اميركي من العراق من أجل ابعاد القوات الأميركية عن أي رد ايراني مقابل. والثانية تعامل سوريا مع مرحلة ما بعد تقرير براميرتس الثاني.
والمسعى الأميركي لعزل التطورات الاقليمية عن مسار تقدم بناء الدولة اللبنانية، يظهر في اعادة دفع العمل لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان، حيث سيلتئم اجتماع تحضيري له في نيويورك في 15 أيار المقبل على مستوى السفراء والخبراء، فضلاً عن التشجيع على الحوار الداخلي، رغم الصعوبات التي تعترض انهاء مهمة لحود.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.