تتجه الاهتمامات السياسية اللبنانية إلى حدثين مهمين سيتحكمان في نتائجهما بالتطورات في المرحلة المقبلة، الأول: متعلق بالزيارة التي سيقوم بها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى كل من واشنطن ونيويورك الاسبوع المقبل، والثاني، ما سيكون عليه مضمون القرار المنتظر صدوره هذا الشهر عن مجلس الامن الدولي في ضوء النظر بتقرير الامين العام للامم المتحدة كوفي انان حول تنفيذ القرار 1559.
ولاحظت مصادر ديبلوماسية بارزة ان زيارة السنيورة تتزامن مع صدور التقرير، ومرحلة المشاورات غير الرسمية التي ستعقد بين الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي لاستصدار القرار المتوقع، والذي ستوفر الشرعية الدولية من خلاله الاطار القانوني الدولي الواضح، الذي لا يعود يسمح بحصول لغط، لا بالنسبة إلى المسؤوليات المترتبة على سوريا في استكمال تنفيذه، والنقاط التي تعنى بها دمشق، ولا بالنسبة الى تقويم القرار 1559 لناحية افتقاره الى الالية التنفيذية لتطبيق بنوده كاملة.
لذلك، تترقب المصادر الدور الذي ستؤديه الحكومة اللبنانية في مرحلة صدور القرار، والتحضيرات التي يعدها الرئيس السنيورة في لقاءاته الاميركية، وفي الامم المتحدة، فضلاً عن المشاورات اللبنانية ـ الفرنسية المتصلة بالموقف الفرنسي من مشروع القرار والتي ستتكثف في الايام المقبلة. وسيتمحور توجه الرئيس السنيورة في مشاوراته الاميركية والفرنسية عبر القنوات الديبلوماسية، في مرحلتها الاولى، حول استكشاف ملامح القرار الجديد، وما اذا سيكون مشابهاً للقرار 1559 في ما سيطلبه من تطبيق للبنود المتبقية من دون تنفيذ، وبلهجة حاسمة، ام انه سيأخذ في الاعتبار الانجاز الذي حققه لبنان عبر انعقاد الحوار الوطني الداخلي، ووضع استكمال تنفيذ البنود، والقبول الدولي بذلك، في اطار ما يرتضيه اللبنانيون عبر الحل الذي سيقرره الحوار الداخلي.
أما في المرحلة الثانية من تحرك السنيورة، فتتوقع المصادر ان يتم التركيز على محاولة شمول القرار المتوقع، روحية الحوار الوطني اللبناني، وما احرزه حتى الان من مقررات، وما يفترض ان يحرزه لدى استئنافه مجدداً في الثامن والعشرين من نيسان الجاري، بحيث يمكن للشرعية الدولية ان تكرس على الورق وعبر الوثائق الملزمة التي تصدرها في هذه الحالة، موضوع الحوار الوطني، في وقت سيحمل القرار، انطباع صانعيه حول الفرصة التي اعطيت لدمشق لتغيير سلوكها مع الملف اللبناني وفي المنطقة، وافاق المرحلة المقبلة من التقويم الدولي لذلك.
وأكدت المصادر ان التفاهم الاميركي الفرنسي حول طريقة التعامل مع الموضوع اللبناني قائم بصورة وثيقة، في اطار توزيع الادوار الذي ينصب على ما يلي:
ـ ان لبنان لا يزال في رقعة النفوذ الفرنسي، لذلك تعمل باريس على تقديم المشاريع السياسية، وهذا يتجلى في تحريك المبادرات والمشاورات، او في مشاريع القرارات التي تقدم الى مجلس الامن، حول مختلف المسائل اللبنانية، بحيث تتم بلورة السياسة الاميركية في شأن لبنان. وهذا ما يفسر الاولوية التي تعطى للملف اللبناني لدى زيارات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى باريس ومن ثم اللقاءات التي يعقدها هناك الموفد الخاص للامين العام للامم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري ـ رود لارسن، بحيث تم الاتفاق لدى آخر زيارة له على تقديم مشروع قرار الى المجلس، فضلا عن الدور الفرنسي ـ السعودي الذي جسد التوافق الدولي على الحوار الداخلي. والدور الفرنسي قائم ولو لم تحصل زيارات لمسؤولين فرنسيين أو ديبلوماسيين على مستوي عال لبيروت، على غرار الزيارات الرسمية الاميركية.
وفي اطار الدور الفرنسي ايضا، عدم الرغبة في طرح مسألة رئاسة الجمهورية بطريقة تجعلها عرضة للمقايضة السياسية الاقليمية. لذلك تمثلت المطالب الفرنسية الثلاثة من سوريا عبر السعودية، بالتعاون مع التحقيق الدولي، ومقررات الحوار في مسألة اقامة العلاقات الديبلوماسية بين بيروت ودمشق، وترسيم حدود مزارع شبعا. ولم تأت على ذكر الرئاسة.
أما الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة، فهو اثبات سياستها كقوة عظمى، وتأكيد الدفع السياسي للرؤية التي اقتنعت واشنطن بأنها تجسد لبنان النموذج في المنطقة. ويبرز ذلك في المراحل الحرجة داخلياً، حيث تتكثف الزيارات الرسمية الاميركية للبنان، أو تتوالى الدعوات لزيارتها، وأهمها الدعوة التي وجهت الى السنيورة من الرئيس جورج بوش، فضلاً عن المتابعة المكثفة التي يقوم بها السفير الاميركي جيفري ـ فيلتمان مع مختلف القيادات، وابداء النصح، او الدعوات لعدم الخروج عن الخطوط المطلوبة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.