تطرح الأوساط الديبلوماسية البارزة، أكثر من علامة استفهام حول السبل اللبنانية لمقاربة ملف إقامة علاقات ديبلوماسية بين بيروت ومشق، وهو الملف الذي يفترض ان يحمله رئيس مجلس الوزراء في زيارته المحتملة إلى سوريا ان لم تبرز عراقيل تحول دون اتمامها في وقت غير بعيد.
وعلى الرغم من ان هذا الملف حظي بتفاهم المتحاورين اللبنانيين من خلال المؤتمر الوطني، الا ان الترجمة العملية لإقامة هذه العلاقات ستخضع استناداً إلى المصادر إلى درس معمق لواقع العلاقات اللبنانية ـ السورية من وجهة النظر القانونية، وتحديد العديد من الخيارات امام الحكومة اللبنانية في المسائل الآتية:
1 مصير معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين لبنان وسوريا في 1994 في ظل مفاعيل هذه المعاهدة التي تخطت الواقع القانوني لأي علاقات ديبلوماسية محتملة بين الجانبين، الأمر الذي يستوجب من الحكومة اللبنانية السعي لإعادة تصحيح وصياغة هذه العلاقات في اطار الندية والطبيعية حيث الاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة، كما هو الحال بين لبنان والدول الشقيقة والصديقة كافة.
2 ان المسألة لا تقف فقط عند حدود معاهدة الاخوة، فهناك 66 اتفاقاً وبرنامجاً تنفيذياً، فضلاً عن المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري الذي أعطى لأمينه العام نصري خوري صلاحيات تفوق في مستواها صلاحيات الوزير، ثم اللجان المشتركة التي تتابع شؤون العلاقات بين البلدين ومنها اللجان الأمنية والخارجية وغيرها. وكل هذه الهيكلية التنظيمية لما يشبه التنظيم لمسائل الكونفيديرالية بين البلدين تحتاج إلى البحث في مصيرها، خصوصاً أن المعاهدات بين دولتين لا تبطل أو تلغى من جانب واحد، حتى ان المعاهدة بالذات والاتفاقات كلها لا تتضمن نصاً يوضح ابطال مفعولها، ولا المدة الزمنية لذلك.
3 هل سيقبل لبنان بأن تقام علاقات ديبلوماسية مع سوريا مع الاحتفاظ بكل المفاعيل التي تفرضها المعاهدة التي تعتبر هي الأساس نظراً لأنه بوجودها وإبرامها، باتت هي المرجعية وليس "اتفاق الطائف" الذي انطلقت من بعض روحيته؟.
4 ـ هل سيتمكن الفرقاء اللبنانيون لدى التعمق في بحث العلاقات اللبنانية ـ السورية من الاتفاق حول تعديل معاهدة الاخوة أو إلغائها؟، وإذا اتفقوا حول أي من ذلك، فهل ستوافق سوريا من جانبها على الإلغاء أو التعديل لكي تعتاد على لبنان مستقل وذي سيادة؟.
5 ـ هل يمكن ان يساعد المجتمع العربي ـ والدولي على ايجاد مناخ تهدئة وإزالة التوتر وإعادة بناء ثقة لتهيئة الأجواء اللبنانية السورية لبحث التعديل في ما هو موقع ومبرم سابقاً، أم ان ذلك دونه صعوبات؟، وكيف ستتم ترجمة "أفضل العلاقات" على الأرض إن لم يتم هذا التعديل؟
6 ـ هل يمكن ان تعمل الدول الفاعلة في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرارات متصلة بتجزئة القرار 1559؟، ومن ضمن ذلك أن يطلب مجلس الأمن من لبنان وسوريا معاً إبطال مفعول المعاهدات والاتفاقات والبرامج التنفيذية التي وقعت وأبرمت بينهما على أساس ان ذلك تم تحت الاحتلال وفي ظل زوال الاستقلال والسيادة والديموقراطية والحرية في لبنان، وقد نص القرار 1559 على وجوب توافر هذه العناصر، وشدّد عليها؟، فالقرار المذكور لا يتضمن آلية أو نصا محددا متصلا بسبل إلغاء كل المعاهدات أو الاتفاقات المعمول بها، والتي حدثت خلال ثلاثين سنة من الوجود السوري في لبنان. وكيف السبيل لضمان التهدئة بين البلدين خلال كل هذه المراحل لتصويب العلاقات لتصبح "طبيعية" و"موثوقة" بحسب ما ينصح به المجتمع الدولي، وأن تكون ندية، ومتبادلة في احترام السيادة والاستقلال، كما صاغ لبنان ثوابته بعد الانسحاب السوري في نهاية نيسان الماضي؟.
وحتى الآن يبدو ان سوريا ترغب بالتمسّك بالمعاهدة وبالمجلس الأعلى الذي يقوم أمينه العام بدور في إبلاغ الدعوة الرسمية السورية لمسؤولين لبنانيين لزيارة دمشق، كما ان مؤشرات برزت في مسار الصعوبات أمام زيارة السنيورة إلى دمشق أولها إرسال وفد "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة" للتعرف إلى المطالب اللبنانية في الملف الفلسطيني، ثم الدور الذي قام به "حزب الله" في هذه الزيارة وما يتصل بهواجسه من مسألة نزع سلاحه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.