8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ثمّنت حكمة السنيورة وصبره في العمل الحكومي

أوضحت مصادر ديبلوماسية في واشنطن ان الإدارة الأميركية تنتظر انطلاقة قوية في مهمة الرئيس الجديد للجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي البلجيكي سيرج براميرتس، كما تأمل حصول قفزات نوعية إلى الأمام في التحقيق، استناداً إلى ما قد يقدمه شهود جدد من معلومات إلى التحقيق، وانها تولي الأهمية الأساسية لمسيرة العدالة الدولية وليس لأحد ان يعوق هذه المسيرة.
وقالت المصادر "ان الإدارة الأميركية تسعى إلى إرساء صيغة في تعاملها مع الملف اللبناني توفر من خلالها استمرار الدعم لسيادة لبنان واستقلاله من دون إساءة التفسير لاستكمال الاهتمام الأميركي بتحقيق ثوابت السياسة الأميركية في لبنان".
وأشارت إلى ان إعادة درس هذه الصيغة جاءت بعد قناعة أميركية تكونت نتيجة عاملين أساسيين، الأول: ردود الفعل الفورية التي كانت تصدر عن بعض الأصوات اللبنانية، واللبنانية ـ السورية في الداخل، والتي هي مستمرة حتى الآن، وتتهم الإدارة الأميركية بالهيمنة على لبنان، وبأنها تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، من جراء الضغوط التي مارستها واشنطن لتنفيذ القرارات الدولية في العام 2005 والشكل الإعلامي الذي اتخذته هذه الضغوط، والتي كانت مكثّفة، بحيث كان الرئيس الأميركي جورج بوش والمسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية يركّزون على لبنان في كل خطاب أو تصريح، ومن ثم توالت الزيارات الأميركية لبيروت، والدعوات الرسمية للقيام بزيارات مماثلة إلى واشنطن لذلك فإن العمل لتخفيف هذه الأصوات يتطلب إعادة تقويم لشكل هذا الأداء وليس مضمونه بحيث لن يكون هناك تراجع عن ما تعتبر الإدارة الأميركية انه إنجازات في الاستقلال والسيادة وحكم القانون والديموقراطية في لبنان. والثاني: هو ان ثمة استغراباً أميركياً من الترويج لاحتمال وجود صفقة بالنسبة إلى التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كلما تدنى مستوى الضغوط الإعلامية التي تعنى بالوضع اللبناني وبضرورة التعاون الجوهري السوري مع مقتضيات التحقيق. وكذلك كلما تزامن هذا التدني مع الإشراف على تطورات الوضع اللبناني عن بعد، وعدم ذكر لبنان بالضرورة في كل تصريح رسمي للمسؤولين الأميركيين، وتخفيف النشاط الديبلوماسي الأميركي في لبنان في مراحل أو مناسبات محددة. والاستغراب الأساسي هو كيف ان دمشق تفهم ان هذا الأمر هو إشارات من اللين حيال القيادة السورية، في حين انه يجب عدم الرهان على صفقة ولا على تسوية، وانه بالنسبة إلى واشنطن لا مكان للعودة إلى الوراء في لبنان، ولن تشجع على التفريط بالإنجازات التي تحققت فيه من دون تكلفة أميركية، وثمة حرص على الحفاظ عليها، وعلى مسيرة التحقيق الدولي.
وأكدت المصادر ان البحث لدى الإدارة الأميركية جارٍ حول صيغة من شأنها إعطاء الضمانات والتطمينات المطلوبة واستمرارها لمنحى الاستقلال والسيادة الذي يجسده مفهوم 14 آذار، وفي الوقت نفسه الحرص على المعادلة التي يتم الابتعاد من خلالها عن إساءة تفسير هذه الضمانات على انها انتقال من هيمنة إلى أخرى، وبالتالي لكي لا يكون لكثافة التعبير الإعلامي استخدامات عكسية لدى بعض الداخل اللبناني.
اما بالنسبة إلى الوضع الحكومي، فإن المصادر في واشنطن أوضحت ان الإدارة تراقب باهتمام جهود رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الحوارية لإعادة الوزراء المقاطعين إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء. وتقدر الإدارة عالياً الصبر والحكمة اللتين تتصف بهما جهوده، خصوصاً ان الإدارة تحرص على عمل حكومي يمتاز بالمرونة واللين، من خلال عدم حصول عقبات، من المحتمل ان تتشكل في حال تم استبدال الوزراء المقاطعين بآخرين.
غير ان المصادر لفتت إلى ان مسؤولين أميركيين يطرحون أكثر من علامة استفهام حول إفادة "حزب الله" من الانقسام الداخلي لا سيما بعد التعامل معه على أساس انه فرض نفسه اثر الانتخابات النيابية في الربيع الماضي، كقوة شعبية وتمثيلية بارزة في المجتمع اللبناني، وأيضاً حول مصير الإجماع الداخلي الذي حققه والذي نقله من الدفاع عن طائفته في بداية انطلاقته إلى الدفاع عن الوطن ككل في ما آل إليه في أهدافه، وأيضاً حول مستقبل الفرصة الدولية المعطاة له للاندماج السياسي في الحكم، والتخلي عن السلاح كأسلوب لتحقيق الأهداف، في إطار عملية تنفيذ ما تبقى من بنود في القرار 1559، إذا ما عاد بعد مرور أشهر من الآن إلى بداياته في الأهداف.
ذلك، ان هذه العودة، استناداً إلى المصادر، ستجعله أكثر اقتراباً من تطبيق القرار 1559، بحيث ان أية مسألة تتدنى فيها نسبة الإجماع الوطني، تصبح قضية إشكالية مثلها مثل القضايا الإشكالية الأخرى، لا سيما على المستوى الدولي، وللأكثرية على المستوى الداخلي ان تحسمها.
وثمة انتظار للتطورات والتحولات للاجابة بوضوح عن هذه التساؤلات، والتي تتيح فهماً أشمل لتحويل الاعتراض من العمل السياسي إلى الشارع، والخطوات المحتملة التي ستلي ذلك، علماً ان الإدارة تحرص على ضرورة تماسك الوضع الأمني واستقراره في لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00