تؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة في نيويورك ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان يعد حالياً لإعلان قراره الرسمي تعيين القاضي البلجيكي سيرج براميرتس رئيساً للجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال الأيام القليلة المقبلة، خلفاً للقاضي الألماني ديتليف ميليس الذي انتهت ولايته لرئاسة اللجنة منتصف كانون الأول الجاري.
وكشفت المصادر ان براميرتس سيصل إلى لبنان منتصف كانون الثاني المقبل لتسلم مهمته رسمياً من ميليس الذي سيكون في هذه الأثناء موجوداً في بيروت، وسيبقى فيها لتسليمه الملفات الكاملة للتحقيق وما توصل إليه على المسارين اللبناني والسوري، على ان يعود ميليس إلى بلاده مع الابقاء على جهوزيته للتعاون وتلبية أي طلب من لجنة التحقيق حول ما إذا كان لديها أي استفسارات أو أسئلة متعلقة بمسار التحقيق، أو شروحات لبعض الملفات.
ولفتت المصادر إلى ان براميرتس سيبدأ مهمته الفعلية بعد التسليم والتسلم مباشرة، وسيعمل لاستكمال التحقيق، الذي لم يتوقف أساساً في الفترة التي تفصل بين انتهاء مهمة ميليس وتسلمه رئاسة اللجنة. إلا ان الرئيس الجديد سيكمل التحقيق في الوتيرة نفسها التي كان حققها ميليس، في إطار نفس جديد من الزخم سيضفيه على عمل اللجنة، ما يؤكد حرصها وبالتالي حرص الأمم المتحدة، على جدية الموقف لمعرفة الحقيقة وراء اغتيال الرئيس الحريري، ومقاضاة من تثبت إدانتهم، في منهجية من الحيادية والاستقلالية والمهنية العالية. كل ذلك للتثبت من أن تغيير رئيس اللجنة لن يؤثر على عمل التحقيق، وان اللجنة هي بمثابة مؤسسة قائمة بحد ذاتها تمثل الشرعية الدولية التي لن تتراخى في ما كلفها مجلس الأمن الدولي القيام به.
كما ان لرئيس اللجنة، الذي ستستمر مهمته، على مدى ستة أشهر، ان يطلب تدخل مجلس الأمن الدولي في حال ثبت لديه وجود عدم تعاون من أي طرف معني بالتحقيق، وان الأجواء السياسية الدولية تؤيد العودة الفورية إلى المجلس، وعدم انتظار مرور استحقاق الاشهر الثلاثة التي نص عليها القرار 1644 لتقديم رئيس اللجنة تقريره حول تطورات التحقيق إلى أنان الذي سيحيله بدوره على المجلس للنظر فيه.
ويمكن لرئيس اللجنة ان يلجأ إلى هذا الإجراء تقنياً عبر تقرير خاص يحيط علماً به الأمانة العامة للأمم المتحدة ورئاسة مجلس الأمن، الذي يعود إليه اتخاذ الموقف الملائم، اما عبر استصدار قرار جديد، أو بيان جديد، وفقاً لما تكون عليه قناعات الدول الأعضاء في المجلس.
وتشير المصادر إلى ان المرحلة الجديدة من التحقيق التي ستبدأ بعد تسلم براميرتس مهمته، ستكون دقيقة وحساسة للغاية بحيث ان التركيز سيكون على الجانب السوري من التحقيق، فيما لا تزال التوقعات حول مستوى التعاون السوري مع التحقيق واحتمالاته غير واضحة، لا سيما وان دمشق بدأت الإعداد لشروط تستبق فيها عمل رئيس اللجنة الجديد، بالتزامن مع تعويلها على المبادرات العربية، علما ان هذه المبادرات لم تكن موجودة في نظرتها إلى الوضع اللبناني والسوري في مرحلة ما بعد تقرير ميليس، ولم تكن موحدة ايضاً بالنسبة إلى الأولوية المطلقة التي يصر عليها لبنان وهي معرفة الحقيقة كاملة.
وللدلالة على الزخم الذي يسير التحقيق في إطاره، اوضحت المصادر ان لجنة العقوبات المنبثقة من القرار 1636 اجتمعت للمرة الأولى يوم الخميس الماضي في الأمم المتحدة برئاسة رئيسها المندوب الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة السفير كاترو اوشيما. وتدرس اللجنة آلية عملها في شأن مهمتها المتعلقة بفرض عقوبات على الأشخاص الذين تعتبرهم الحكومة اللبنانية أو لجنة التحقيق الدولية متهمين بارتكاب الجريمة، وذلك بالتشاور مع لبنان.
وقد بدأت اللجنة تسجيل اسماء المتهمين والمشتبه بهم استناداً إلى تقريري ميليس، وباشرت فعلياً عملها بالتوازن مع سير التحقيقات.
اما على خط المحاكمة الدولية، فإن أنان أبلغ المسؤولين اللبنانيين انه سيبدأ مشاوراته حول الطلب اللبناني في هذا الشأن مع الحكومة اللبنانية في كانون الثاني المقبل، بحيث سيرسل فريق عمل إلى بيروت لإجراء مباحثات مع المسؤولين، ووضع تقرير حول ذلك، يتسلمه أنان بعد انتهاء الزيارة، ويدرسه من أجل اتخاذ الموقف المناسب في إقرار تشكيل المحكمة الدولية ـ اللبنانية المشتركة في مجلس الأمن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.