سعى فريق العمل المستقل الذي يرعاه "مجلس العلاقات الخارجية الأميركية" في تقريره الأخير تحت عنوان: "دعماً للديموقراطية العربية لماذا وكيف؟"، إلى الإجابة عن سؤالين أولهما متعلق بما اذا كانت سياسة نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط تخدم المصالح الأميركية والأهداف السياسية الخارجية، والثاني متعلق بالسبل التي يمكن للولايات المتحدة تطبيق سياسة نشر الديموقراطية من خلالها آخذة بالاعتبار كلّ مصالحها.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة على التقرير الذي تمّ تزويد الإدارة الأميركية بتفاصيله، خصوصاً الدوائر المعنية بصياغة القرارات حول الشرق الأوسط، انه ينبغي لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تشجيع القادة العرب على تطوير سبل اصلاحية تلبي مطالب المواطنين بالتغيير داخل بلدانهم.
ويطالب التقرير (استناداً إلى المصادر)، الولايات المتحدة بالحفاظ على التزامها الديبلوماسي حيال السلام في الشرق الأوسط، معتبراً ان الأمر مرتبط بصدقية واشنطن في المنطقة، ويساعدها في تبديد الشكوك العربية بنواياها حيالها ولا سيما ضرورة الحرص على العمل لالتزام الفلسطينيين واسرائيل خارطة الطريق للسلام.
كما يطالب التقرير واشنطن بعدم القبول بالأسباب التي يقدمها بعض القادة العرب حول ان إحراز تقدم في الديموقراطية لا يمكن ان يتمّ قبل تسوية الموضوع الفلسطيني، وعدم قبول موقف اسرائيل الذي يشدّد على عدم استئناف عملية السلام قبل ان تصبح السلطة الفلسطينية ديموقراطية بالكامل، وأن على واشنطن ان تدعم الإصلاحات الديموقراطية في الشرق الأوسط بغضّ النظر عما اذا حصل تقدم جوهري نحو السلام ام لم يحصل، كما ان عليها دعم التقدم في اتجاه السلام، بغض النظر ان حصل تقدم في الإصلاحات الديموقراطية ام لم يحصل.
وتشير المصادر إلى ان على القادة العرب ان يدركوا تماماً ان فشلهم في إحراز تقدم جوهري في اتجاه الديموقراطية ستكون له انعكاسات على علاقاتهم بالولايات المتحدة كما يقول التقرير الذي يدعو واشنطن إلى ابلاغ الدول العربية ان نوعية العلاقات الثنائية ستتوقف بصورة جزئية على الإصلاح، وسيكون في وسع هذه الدول التي تبدي تقدماً في الديموقراطية الاستفادة من علاقات وثيقة مع واشنطن من خلال الدعم الديبلوماسي ـ السياسي وتعزيز التعاون العسكري وتوسيع العلاقات التجارية.
ولا ينصح التقرير واشنطن بأن تعمد إلى قطع العلاقات مع الدول التي لا تسير في خطى الديموقراطية، بل يشير إلى ان من الأفضل الابتعاد عن الحكومات التي ستستمر مع الوقت في رفضها الإقرار بحقوق مواطنيها السياسي.
ويشجع التقرير (استناداً إلى المصادر)، الولايات المتحدة ان تبقى يقظة في مناوءتها للمنظمات الإرهابية في ظل توقع ان تقوم الحركات والأحزاب السياسية الاسلامية بدور فاعل في ظروف أكثر ديموقراطية في الشرق الأوسط.
ويؤكد ان على الإدارة الأميركية أن لا تسمح للمسؤولين في الدول الشرق أوسطية ان يتذرعوا بالأمن القومي لقمع المنظمات الإسلامية غير العنيفة، بل يجب ان توفر الدعم للمشاركة السياسية لأيّ مجموعات أو أحزاب تلتزم بالتقيد بقوانين وقواعد العملية الديموقراطية وتطالبها بتشجيع إجراءات دستورية تحدّ من قدرة الاغلبيات على تجاهل حقوق الاقليات، مثل المجالس التشريعية أو المحاكم العليا التي يتم العمل في إطارها للحماية من استبداد الأغلبية.
ويلفت التقرير نظر الولايات المتحدة إلى أهمية تحقيقها لوعود الدعم المالي للدول العربية لأهداف تنفيذ خطط الإصلاح المنشود في مجالات الديموقراطية والحرية والاقتصاد ومحو الامية وإزالة الفساد الذي يشكل عائقاً أساسياً أمام النمو الاقتصادي.
يشار هنا إلى ان واشنطن تؤمن نحو 5.5 بليون دولار أميركي سنوياً للعالم العربي على شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية، هذا عدا المساعدات المخصصة لإعادة إعمار العراق.
ويؤكد التقرير ان من الأفضل تخصيص مبالغ إضافية لمبادرات الديموقراطية في العالم العربي، كما يلفت إلى ان من المهم ان تحسن الولايات المتحدة إجراءاتها للسماح لطلاب العالم العربي الدخول إلى أراضيها خصوصاً أن واشنطن تقرّ بضرورة توفير التوازن الدقيق الذي يفترض ان تعتمده بين مسألتي حماية البلاد والحفاظ على الانفتاح التقليدي على الطلاب الأجانب، كما يطالب ان تبقى متابعة مبادرة الشرق الأوسط الموسع محصورة أميركياً بوزارة الخارجية، على ان ينشأ صندوق لمنح دعم الديموقراطية في اطار منظمة مستقلة مخصصة لهذه الغاية ولا سيما أن معظم المنظمات غير الحكومية الشرق أوسطية تعاني التردد في قبول تمويلات مباشرة من الحكومة الأميركية.
ويلاحظ التقرير ان تطوير وسائل إعلامية عربية بديلة هو تطور ايجابي عموماً، لكن ينبغي أن تتزامن الضغوط الأميركية المتعلقة بخصخصة الإعلام العربي مع أخرى لتحسين القوانين التي تحدّ حرية التعبير.
وفي مجال الإسلام والإصلاح، تنقل المصادر عن التقرير انه يوضح ان المنظمات الاسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط لا تشارك الولايات المتحدة أهدافها للمنطقة، لكن من المهم التمييز بين المجموعات المتطرفة العنيفة مثل "القاعدة" و"الجهاد الإسلامي" و"المجموعة السلفية للدعوة والقتال"، والمجموعات الاسلامية بما فيها أحزاب سياسية سعت إلى تطبيق برامجها سلمياً.
ويشير إلى انه نظراً للتحديات التي تشكلها الجماعات الاسلامية للولايات المتحدة ولمصالحها في الشرق الأوسط، فمن المهم ان تتبع استراتيجية أبرز مقوماتها استمرار واشنطن في محاربة العنف الاسلامي ورفض القبول بأن يشكل الأمن ذريعة لتبرير قمع أي حزب أو منظمة سياسية مسالمة على الرغم من المخاوف الأمنية التي تبديها الحكومات العربية، وأن يتاح للمنظمات المسالمة فرصة المشاركة في العملية السياسية، ووجوب ان لا تعترض واشنطن على المشاركة السياسية السلمية لجماعات إسلامية كانت ترتكب أعمال عنف في الماضي، شرط ان تحلّ قواتها العسكرية وتبدي التزاماً مقنعاً بكلّ نواحي العملية الديموقراطية.
ويؤكد ان على صانعي السياسات ان يقرّوا بأن "حماس" و"حزب الله" يشاركان في النشاطات الديموقراطية في مجتمعاتهما.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.