أوضحت مصادر ديبلوماسية بارزة ان العديد من القناعات الدولية والحسابات التي تكونت خلال الايام القليلة الماضية أدت الى التحكم في مجلس الامن باللهجة التي اعتمدها القرار الدولي 1644، وبمسألة مدى تجاوب المجلس مع طلبي لبنان حول اعتماد مبدأ المحاكمة الدولية وتوسيع نطاق لجنة التحقيق المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتشمل الاغتيالات التي شهدها لبنان.
ومن بين هذه القناعات، ضرورة أن يأخذ المجتمع الدولي بالاعتبار درء مخاطر اية عوامل جديدة من شأنها ان تمثل ضغوطاً تهدد الاستقرار الداخلي لا سيما الامني في لبنان. فالدولتان اللتان كانتا في الاساس وراء استصدار القرار 1595، وقبله القرار 1559، الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، وضعتا في حساباتهما ان الاستقرار الداخلي خط احمر، وان لبنان النموذج الذي سعتا الى تحقيقه، لا ترغبان في ان يتعرض بسبب تشدد القرارات الدولية، الى مزيد من الانقسامات الداخلية، اضافة الى الضغوط الاقليمية على الساحة اللبنانية نتيجة ما توصل اليه التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، في ضوء توافر معلومات لهاتين الدولتين عن ان المواجهة من الفريق المتضرر من التحقيق ستكون واسعة النطاق على الساحة اللبنانية، والتي استؤنفت منذ بدء التحقيق في فيينا مع الضباط السوريين، وان قدرة هذا الفريق لا تزال كبيرة على هذه الساحة وفي العديد من المجالات.
لذلك، فان المشروع الفرنسي الذي كان يمكن اعتماد التشدد فيه امام باريس، تم طرحه منذ الاساس بهذه الصيغة، وحظي بدعم اميركي، والا لم يكن ليطرح بهذه اللهجة. وفي هذه الاثناء كانت هناك مبررات أميركية ابلغتا عبر القنوات الديبلوماسية الى اكثر من طرف لبناني ودولي، ان التشدد في اي قرار غير مطلوب حاليا بفعل تسجيل التقرير الثاني للجنة التحقيق تعاوناً سورياً لا يتمكن انكاره، ولو انه لم يكن جوهرياً وكاملاً، وبالتالي، فكان وضع عقوبات في هذه المرحلة ليس في محله. وليس واردا في المرحلة المقبلة ان تم استصدار مذكرات توقيف بحق اشخاص سوريين ولم تتجاوب سوريا مع توصيات للجنة في هذا المجال.
والمبرر الآخر، الذي يغدو اكثر تعقيدا، هو التأكد من ان واشنطن غير مستعدة في المرحلة الحالية لفتح ملف النظام السوري، وانها تكتفي بالعزلة التي تمارسها ضد سوريا، في انتظار التطورات في المنطقة.
ومع الدراسة التي تقوم بها الحكومة اللبنانية والسلطات المختصة للقرار 1644، فان المصادر، تدعو الى التنبه، الى اعادة ورقة الاستقرار السياسي والامني في لبنان الى الواجهة، والى الثمن الذي سيكون معروضاً على لبنان مقابل ذلك، والى المدى الذي يمكن للمجتمع الدولي ان يبلغه في الدخول في معركة حقيقية من أجل لبنان وسيادته واستقلاله، في ظل الانقسامات الداخلية، وقابلية الاوضاع والمواقف للاشتعال السريع، فضلاً عن العلاقة بين المخاطر التي تخشاها بعض الدول العربية حول انظمتها، والمسار الذي سيؤدي الى اعلان حقيقة من وراء اغتيال الحريري، ثم ما يتعلق بالعوامل المؤدية الى تغذية الارهاب في المنطقة.
وتزامنت التطورات على صعيد مجلس الامن مع مبادرة عربية يقودها الامين العام للجامعة العربية عمر موسى، ونالت موافقة اميركية، وقد تحولت الى مبادرة مصرية في جزء منها، لايجاد مخرج عربي للجو المتأزم بين لبنان وسوريا، التي وضعت العديد من الشروط، ابرزها وقف ما تسميه "التعبئة الاعلامية في لبنان ضدها"، وان دمشق لا تتعاون في اي مسعى تحت الضغط الا ان المصادر تقول ان الاسباب وراء الموقف الاميركي الحالي هو عدم وجود استراتيجية بديلة لدى واشنطن حيال سوريا، وان المواجهة بينهما تبدو مؤجلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.