يسعى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، من خلال الزيارة التي قام بها إلى لبنان أمس، ولقائه المسؤولين، وزيارته اليوم إلى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، إلى طرح مبادئ تهدف إلى تحسين العلاقات اللبنانية ـ السورية بعد الانعكاسات التي شهدتها، منذ الانسحاب السوري من لبنان نهاية نيسان الماضي، وبدء مهمة لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما توصلت إليه من أدلة وردت في تقريري رئيسها القاضي ديتليف ميليس.
وتقوم مبادرة موسى، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية عربية، على عناصر عدة، تجسد الاهتمام العربي، الجامعة العربية تحديداً، بضرورة وجود دور عربي في المرحلة الدقيقة التي تمر فيها العلاقات اللبنانية ـ السورية، وخطورة استمرارها في هذا المنحى، وعدم ترك الأمور تتطور في اتجاه مزيد من التهديدات والسلبيات. وهذه العناصر هي:
ـ إعادة الثقة السياسية بين البلدين، والنظر في المعايير الواجب الالتزام بها بغية تحقيق ذلك. ويرى لبنان في هذا المجال، أن الكرة هي في الملعب السوري، وأنه من الأهمية بمكان أن تؤكد سوريا ما تعلنه عن احترامها لسيادة لبنان واستقلاله وتعاونها مع التحقيق الدولي، لكشف المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد، في حين أن لبنان قام بمبادرات عدة في اتجاه تحسين العلاقات مع دمشق والالتزام بتمايزها، ويعول على إعادة الثقة في المجالات السياسية والأمنية على حد سواء في هذه العلاقات، وفي الوقت نفسه، لن يرضخ لأي ضغوط من شأنها أن تبقيه ساحة لتنفيس الاحتقان الاقليمي، وتوجيه الرسائل، في إطار تجسيد ما يجري تسويقه عن صراع على أرضه بين مشروعين، المشروع الدولي والمشروع الذي تدعمه قوى إقليمية رافضة للمشروع الدولي.
ويهم لبنان التأكيد على التزامه مسار السلام في الشرق الأوسط على قاعدة المبادرة العربية للسلام، والتنسيق مع دمشق في ما خص هذه المسألة، وأنه آخر دولة توقع سلاماً مع إسرائيل، ويقول لبنان، بضرورة بحث استقرار العلاقات اللبنانية ـ السورية في تفاصيلها من خلال لقاءات ثنائية تعيد ترتيب الأمور بعد توافر النوايا الحقيقية لذلك، لا سيما أن ملفات لبنان باتت جاهزة للبحث في كل المسائل المطلوب التفاهم حولها مع سوريا ويبقى تحديد مواعيد للاجتماعات.
ـ محاولة ايجاد قاعدة مشتركة لبنانية ـ سورية، لمرحلة ما بعد صدور القرار الجديد عن مجلس الأمن الدولي بعد النظر في تقرير ميليس الثاني، والتوقعات بالنسبة إلى إصدار مذكرات توقيف لبنانية وسورية في حق الأشخاص السوريين الذين استمعت لجنة التحقيق الدولية إلى إفاداتهم في يينا.
ويؤكد لبنان تمسكه بثوابته في هذه القضية، التي عبر عنها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، لجهة ضرورة التعاون السوري لمعرفة حقيقة المدبرين والمتورطين في الجريمة وسوقهم إلى العدالة، ورفض العقوبات على الشعب السوري، وأن القضاء سيقوم بواجبه في ما خص التفاصيل القانونية في التحقيق.
وتلفت المصادر إلى أن عدم التطرق إلى عقوبات في القرار الجديد عن مجلس الأمن، يعني إعطاء فرصة جديدة لسوريا تمتد لستة أشهر جديدة هي المدة ذاتها التي سيمدد المجلس لمهمة اللجنة لمتابعة عملها ومساعدة القضاء اللبناني في ملف الجريمة، وعلى سوريا الاستفادة من هذا الوقت لإبداء التعاون الكامل والجوهري والجدي مع التحقيق.
ـ يؤيد موسى فكرة إنشاء محكمة عربية لمحاكمة المتورطين في جريمة الاغتيال بعد أن تثبت إدانتهم، لكن لبنان الذي تلقى وعداً من الأمم المتحدة بدرس طلبه إنشاء محكمة ذات طابع دولي، تكون دولية ـ لبنانية مشتركة خاصة بهذه المسألة، سيتابع الأمر من خلال مشاوراته المكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بعدما تبلغ أن ممثليها في المجلس سيعودون إلى حكوماتهم قبل بت الطلب تمهيداً لتعيين جلسة خاصة للمجلس لإقرار إنشاء المحكمة التي تحظى بدعم دولي واسع.
وتقول المصادر، إن أهمية مبادرة موسى، هي في النتائج التي ستتوصل إليها على الأرض، ومدى قدرته على التأثير في الموقف السوري والخروج به إلى مفهوم جديد وسليم في العلاقة مع لبنان، مع الإشارة إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية لم تتمكن من التأثير على موقف سوريا بالنسبة إلى رغبة لبنان عرض موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية، على اجتماع وزاري عربي كان قد عقد قبل مدة واكتفى لبنان بتضمين مشروعه إلى ذلك الاجتماع، البنود التقليدية المتصلة باستكمال التحرير، ودعم الجامعة في ضرورة وضع حد للاعتداءات والخروق الإسرائيلية للخط الأزرق ولسيادة لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.