تسلّم أمس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان رسالة من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة تضمنت الطلب اللبناني الى المنظمة الدولية إنشاء محكمة ذات طابع دولي، للنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية المستقلة لتشمل كل الجرائم الإرهابية التي وقعت منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة وحتى جريمة اغتيال النائب الشهيد جبران تويني، وذلك بناء على قرار مجلس الوزراء أول من أمس.
ووجه لبنان هذه الرسالة أيضاً الى رئيس مجلس الأمن الدولي، طالباً توزيعها على الدول الأعضاء في المجلس كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية بارزة، أن لبنان وجد فرصة انعقاد مجلس الأمن حالياً للنظر في التقرير الثاني لرئيس اللجنة ديتلف ميليس، واتخاذ القرار المناسب في ضوئه، من أجل التعجيل في توجيه رسالته، آملاً أن يتم بحث الطلب اللبناني خلالها والموافقة عليه.
وقد تبلغ لبنان عبر الاتصالات الديبلوماسية والمشاورات التي قامت بها بيروت في الساعات الماضية، أن المجلس سيوافق على الطلبين اللبنانيين، وأنه على الأرجح سيضمن موافقته هذا القرار المرتقب صدوره عن المجلس في نهاية جلساته المغلقة، والذي سينص على ضرورة أن تتعاون سوريا بشكل كامل مع التحقيق الدولي في جريمة الاغتيال، وسيوصي بالتمديد مدة ستة أشهر لمهمة اللجنة، مع أنه يعود لمجلس الأمن أن يقرر ما إذا ستتم الموافقة على طلبي لبنان بقرار خاص، أم في إطار القرار الذي يجري إعداده حالياً.
وقد بنى لبنان الطلبين على النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق الدولية، لا سيما تقرير القاضي ميليس الثاني، وعلى المتابعة من مجلس الأمن لنتائج الجرائم الإرهابية التي تقع في لبنان.
وتكمن أهمية إنشاء محكمة ذات الطابع الدولي، استناداً الى المصادر، في ضمان عدم التدخل في القضاء اللبناني أثناء المحاكة، وعدم تعرّض السلك القضائي لمخاطر تعرقل أداءه، خصوصاً أن تولي القضاء اللبناني محاكمة غير اللبنانيين يحمل في طياتها مخاطر كبيرة، لا سيما إذا ما توصلت التحقيقات الى توضيح ما إذا كان قرار الاغتيال يعود الى الأشخاص المتهمين أو الى قيادتهم. كما أن المحاكمة ذات الطابع الدولي، تساهم في التوصل الى أحكام قضائية مبرمة لن يسهل الطعن بها.
وتتوقع المصادر، أن يستغرق تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي فترة زمنية لا تتعدى الشهرين، ويعني كونها ذات طابع دولي، أن تكون دولية ـ لبنانية مشتركة، في حين أن المشاورات التي سبقت وواكبت تقديم الطلب اللبناني، توصلت الى الاتفاق على أن يكون مقر المحكمة خارج لبنان. ولم يتضح بعد ما إذا كانت دمشق ستتحرك دولياً ليكون في عداد هيئة هذه المحكمة قاض سوري.
الى ذلك، ستجدد صيغة القرار الذي ستتم بموجبه إنشاء المحكمة الآلية التي سيتبعها أنان في التأسيس للمحكمة، والتي لا تتوقف فقط على المشاورات لتعيين المدعي العام فيها والقضاة، بل ثمة إجراءات تتعلق بقواعدها وأنظمتها، والمراجع التي ستستند إليها. ومن ذلك: تحديد القوانين التي ستعود إليها المحكمة، وأهمها القانون الدولي، والبروتوكولات والمعاهدات الدولية لمكافحة الإرهاب الدولي، والقانون اللبناني، لا سيما قانون العقوبات. ثم تحديد مقر المحكمة، إذ يلزم للأمم المتحدة أن توقع اتفاقية تسمى "اتفاقية المقر" مع الدولة التي ستستضيف المحكمة، توفر للمحكة الامتيازات والحصانات، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. أما الدول المقترحة لاستضافة المحكمة، فهي قبرص وهولندا والقاهرة بناء على اقتراح عربي.
ومن غير الواضح التحديد منذ الآن ما إذا كانت صلاحيات المحكمة سيتم توسيعها، بعد الخطوة المرتقبة لتوسيع صلاحيات اللجنة لتشمل التحقيق في كل الجرائم الإرهابية التي ارتكبت منذ تشرين الأول 2004 وحتى الآن. لكن التحقيق الدولي يفرض من حيث المبدأ محاكمة دولية.
وذكرت المصادر أن عدم الانضمام الى الاتفاقات الدولية لمكافحة الإرهاب، على غرار سوريا مثلاً، خصوصاً في ما يتعلق بتمويل الإرهاب ومنع التفجيرات الإرهابية بالقنابل، لا يعفي من تطبيق مفاعيل هذه الاتفاقات. وأشارت الى أنه بعد التمديد ستة أشهر لمهمة لجنة التحقيق الدولية، فإن الأنظار تتجه الى ثلاثة عناصر أساسية، هي: مدى التعاون السوري، ودور لجنة التحقيق السورية في التجاوب مع الطلب بتوقيف المطلوبين السوريين، وحدود الصلاحيات بين أنان والرئيس الجديد للجنة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.