يجري اليوم المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط الفارو دي سوتو محادثات رسمية مع المسؤولين اللبنانيين تتناول تطورات الموقف اللبناني بالنسبة إلى الأوضاع الاقليمية، ومسألة السلام في المنطقة وآفاقها المستقبلية.
وزيادة دي سوتو لبيروت هي الأولى له بعد تسلمه هذه المهمة في ايار الماضي خلفاً لتيري ـ رود لارسن، الذي عينه الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان موفده الخاص لمراقبة تنفيذ القرار الدولي 1559. واضافة إلى هذه المهمة، هناك مهمتان ايضا لدى سوتو هما: المبعوث الخاص للأمين العام لدى السلطة الفلسطينية ولدى منظمة التحرير الفلسطينية، والمبعوث الخاص للأمين العام لدى الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة الاميركية، وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والامم المتحدة.
ويقدم دي سوتو تقارير دورية إلى أنان حول أوضاع الشرق الأوسط وعملية السلام، وهو ما سيقوم به بعد جولته الحالية في المنطقة، والتي تشمل لبنان. وكان قدم شرحاً عن "الحالة في الشرق الأوسط" امام مجلس الأمن الدولي في 23 ايلول الماضي، اثناء اعمال الدورة الستين العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انهت اعمالها أخيراً.
واستناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة، فان دي سوتو سيستطلع في بيروت الموقف اللبناني حيال السلام في المنطقة في ضوء التحولات السياسية اقليمياً وخلط الاوراق في المنطقة، وما يمكن ان تقوم به الأمم المتحدة من دور مرتقب تعد له، من ابرز مقوماته ضبط ايقاع كل الاطراف المعنيين بالسلام وتشجيعهم على العودة إلى الحوار السياسي وفقاً لأهداف القرارات الدولية ذات الصلة بالنزاع العربي ـ الاسرائيلي، ومنحى تغليب التفاهمات السياسية في المنطقة على منطق العمل العسكري.
وتوقيت زيارة دي سوتو، تعبر عن فرصة مؤاتية وجدها انان حاليا في مرحلة الانتظار الاقليمية، ان على خط الداخل الاسرائيلي حيث الاهتمام من الان وحتى شهر آذار المقبل بالانتخابات الاسرائيلية وبتشكيل احزاب وتحالفات جديدة هناك، أو على خط الوقائع الجديدة التي انتجتها على الارض العزلة الدولية لسوريا والتي يتوقع ان تزداد بسبب الاتجاه الى زيادة الحصار سياسياً عليها، ثم على خط الأوضاع في الاراضي الفلسطينية، في المرحلة التي تلت الانسحاب من غزة، واتفاق المعابر المتصلة بهذا القطاع بدءاً بمعبر رفح، والتوجه الدولي الى اعادة احياء "خارطة الطريق" على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي، تمهيدا لبدء التحضير لاعادة احياء المسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل. وقبل ذلك يسعى دي سوتو الى تنفيس الاحتقان في المنطقة، وتأكيد الحضور الدولي فيها لتبقى الامور في اطار السيطرة في مرحلة من انعدام التوازن السياسي فيها إلى حد ما، ومنعا لأن يؤدي ذلك إلى انعدام التوازن الامني ايضا، ومن المهم ان يتمكن من ايجاد السبيل لفرض بنود على الاجندة الاسرائيلية الداخلية، واستباق الامور لدى الاطراف المتنافسة، لتبنيها بغية تحريك السلام في المنطقة، وتخفيف الضغوط عراقياَ.
أما بالنسبة إلى لبنان، وفي ظل الاستعداد الدولي لخلق طروحات جديدة ايجابية حول السلام، فان المسؤولين سيبلغون دي سوتو تمسك لبنان بالمبادرة العربية للسلام، وضرورة ان تقوم الامم المتحدة بدور فاعل لتنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن الشرعية الدولية التي عليها الحرص على تحقيقها. لكن وفي الوقت نفسه تدعو المصادر، الى انجاز تفاهم لبناني داخلي، حول رؤية موحدة لمقاربة التحولات الاقليمية والمتغيرات في موازين القوى في المنطقة، واعطاء الانطباع امام المجتمع الدولي بأن لبنان بات يسلك سلوك الدول المستقلة ذات السيادة الكاملة على قراراته، لا سيما في قراءته لمصالحه الاستراتيجية في المنطقة والمبنية على علاقة حسن الجوار مع سوريا والعلاقة المميزة معها ضمن مفهوم السيادة المتبادل، وفي هذا الاطار تقاطع المصالح اللبنانية ـ السورية على مستوى السلام في المنطقة، مع ما يتطلب ذلك من اعادة التمييز بين التلازم السليم بين المسارين اللبناني والسوري، وتابعية المسار اللبناني للمسار السوري تحت عنوان التلازم بينهما. ولبنان ليست لديه مشكلة في هذا التلازم في اطار معرفة ماذا يريد من السلام.
والتفاهم الداخلي المطلوب يشمل المبادئ الآتية: التأكيد على حق المقاومة طالما انها لا تخدم مصلحة اقليمية، في الدرجة الأولى، والتأكيد على المبادرة العربية للسلام المتضمنة القرارات الدولية ذات الصلة بالنزاع العربي ـ الاسرائيلي، ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم، وضرورة السعي الى ازالة الاحتلال الاسرائيلي من مزارع شبعا واستعادة سيادة لبنان عليها، والتشديد على اهمية الدور الأوروبي في عملية السلام، وعلى الدور المتوازن والعادل للولايات المتحدة الاميركية، وتنفيذ مبدأ حق العودة للفلسطينيين الى ديارهم وحقهم في بناء الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس، كذلك استكمال تنفيذ القرار 425 بما يعني من انسحاب غير مشروط لاسرائيل من مزارع شبعا، ووقف الاعتداءات والخروق الاسرائيلية للسيادة اللبنانية، وفقا للمادة الثانية من هذا القرار، وضرورة استكمال القوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونفيل" المهمة الثالثة لها وفقا للقرار، والتي لم تتحقق حتى الان، وهي توفير الامن والسلم الدوليين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.