استحوذ قرارُ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان توسيعَ مهمة غير بيدرسون من ممثل له في الجنوب اللبناني إلى ممثل له في لبنان، على اهتمام لبنان الرسمي والقيادات والقوى اللبنانية على تنوع انتماءاتها، لما ستحمله هذه الخطوة بشأن مستقبل العلاقة بين لبنان والمنظمة الدولية، وما هو مرتقب من دور جديد للأمم المتحدة في لبنان. فماذا يعني هذا القرار؟
تقول مصادر ديبلوماسية بارزة، ان أنان أراد بهذا القرار ان يعطيَ الملفَّ اللبنانيّ أولوية سياسية لدى الأمم التي تعدّ لوضع استراتيجية محددة للتعامل مع هذه الأولوية، انطلاقاً من الاستحقاقات المتعلقة بهذا الملف في الشهرين المقبلين، فيقوم بيدرسون بإطلاع أنان مباشرة ودوما على صورة الوضع اللبناني من مختلف أوجهه، إطلاعا كافيا، وفي إطار متابعة موحدة لهذا الوضع. وبدلاً من ان ينتظر أنان تمرير موضوع لبنان في مجلس الأمن، بات لديه ممثلاً دائماً لهذه الغاية، لأهمية الظروف التي يمر بها لبنان.
وتؤكد المصادر، ان ايفاد أنان وكيلَه للشؤون السياسية إبراهيم غمباري إلى بيروت وبقاءه فيها خمسة أيام مسألة لا تنفصل عن الدور الجديد الذي يرغب أنان صوغه حيال تعاطي المنظمة مع الشأن اللبناني. وأهم عناصر هذا الدور المستقبلي الجديد في ما يأتي:
ـ التشديد على حيادية الأمم المتحدة في اهتمامها بالملف اللبناني، وتقديم رسالة واضحة إلى مختلف الأطراف على الساحة اللبنانية حول هذه الحيادية ولا سيما ان المنظمة الدولية توقفت طويلاً عند التهم الداخلية اللبنانية لدى أفرقاء على الساحة التي تتناول عدم حياديتها وانحيازها للقوى الكبرى في العالم. كما ان الحيادية ستنسحب ايضاً على سعي الأمم المتحدة لتحييد لبنان عن التداعيات المتعلقة بمحيطه وفصل هذه التداعيات عن الظروف المطلوبة لضمان استقرار لبنان في شتى المجالات.
ـ متابعة حثيثة للوضع اللبناني على الأرض خصوصاً للمرحلة التي تلي التقرير الثاني للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إذ إن ثمة رغبة لدى أنان لمقاربة الموضوع اللبناني في المرحلة المذكورة، بما يؤمن عزل الداخل اللبناني عن إنعكاسات الوضع الإقليمي الناشئ وفي الوقت عينه جعل دورها أكثر قَبولاً وحيادية. وقد تكون الأمم المتحدة من جراء هذا التوجه تستدرك تجنب الوقوع في تجربة العراق بعد الحرب عليه، حيث تعرضت في دورها الذي أعقب الحرب مباشرة إلى ضغوط من مجموعات معارضة.
ـ توحيد جهود الاهتمامات الدولية بالوضع اللبناني كي تتم مباشرة بإشراف شخصية تمثل الأمم المتحدة، بعد تقويم دولي غير رسمي يشير إلى ان تعدد الموفدين قد تكون له تأثيرات متنوعة على الاستقرار.
ومن الأفضل، ضمن مفهوم استراتيجي جديد، توحيد هذه المراجعة من خلال شخصية موجودة دوماً على الأراضي اللبنانية. وسيتعاون بيدرسون طبعا مع موفد أنان الخاص لتنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن.
ـ يتابع بيدرسون متابعةً وثيقة موضوع الدعم الدولي الاقتصادي للبنان، والمؤتمر الدولي الذي يعقد مطلع السنة المقبلة لهذه الغاية.
وفي موازاة ذلك، تؤكد المصادر ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية بشأن استباق المرحلة الجديدة من المتغيّرات، ان على صعيد تعميق الحوار الداخلي أو التعاطي مع الملف الخارجي. فهناك إنعكاسات التقرير الثاني للجنة الدولية، وملف العلاقات بسوريا، والقرار 1559، والأفكار المتعلقة بتجزئته إلى قرارات عن مجلس الأمن تتناول كل بند لم ينفذ بعد، والتجديد للقوة الدولية في الجنوب، والموازنة، والخصخصة وانضمام لبنان إلى سياسة الجوار الأوروبية، وإلى منظمة التجارة العالمية، والتخوف من الأصولية السلفية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.