في انتظار ما سيصدر اليوم عن مجلس الامن الدولي بالنسبة الى التقرير نصف السنوي للامين العام للامم المتحدة كوفي انان حول تطبيق القرار 1559، تقول مصادر ديبلوماسية اوروبية بارزة ان فرنسا وبقية الدول في مجلس الامن ستحث لبنان من جديد على اتخاذ خطوات عملية بالنسبة الى استكمال تنفيذ بقية بنود القرار، وهو ما سيطالب به المجلس ايضا بصورة واضحة.
وتؤكد المصادر ان فرنسا ترى انه لا مجال لاقامة حوار تقني بين لبنان او "حزب الله" من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، حول الفارق بين الميليشيا والمقاومة لتحرير الارض. وترى ان باريس تهدف من جراء دعمها للقرار 1559 الى دعم استرجاع سيادة لبنان من دون ان تكون لها اهداف اخرى. اذ ان فرنسا هي الدولة الوحيدة التي كانت منذ العام 1978 تطالب بدون انقطاع باحترام سيادة لبنان، حتى عندما كانت بعض الدول العربية نفسها صامتة حيال الموضوع. وقد حاولت فرنسا البحث في هذه المسألة مع تولي الرئيس السوري بشار الاسد السلطة في سوريا، انطلاقا من العلاقات الثنائية الفرنسية ـ السورية الجيدة. لكن الهدف الفرنسي لم يجد صدى، واستمرت الضغوط على لبنان التي وصلت الى حدها عند التمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود.
وقالت المصادر ان حوار فرنسا المستمر مع الولايات المتحدة الاميركية حول تطبيق القرار 1559 يفيد لبنان، لكن القرار ملزم ولا يمكن لأي فريق ان يعول على خلاف فرنسي ـ اميركي حوله.
واعتبرت المصادر ان هناك فعلا نقطة خلافية بين المجتمع الدولي و"حزب الله" وهي ان الحزب يبرر استمراره في حمل السلاح باسرائيل وبمسألة الدفاع عن لبنان في حال حصول اعتداءات اسرائيلية على اراضيه. الا ان فرنسا تدرك جيدا، انه في الجنوب اللبناني ينظر الى "حزب الله" على انه المحرر من الاحتلال. لكن الامر الجيد هو ان الجيش الاسرائيلي انسحب من جنوب لبنان. وبالرغم من ذلك، يعتبر "حزب الله" ان خطر اسرائيل لا يزال قائما، وان احتلالها لمزارع شبعا لا يزال مستمرا، وازاء ذلك، فان باريس تعتبر ان لا شيء يمكن تبرير عدم تولي الجيش اللبناني حماية امن كل لبنان، حتى هذه المخاوف او الاسباب التي لدى الحزب، ليست كافية لتبرير عدم نشر الجيش في الجنوب كما يطالب به القرار 1559، والمجتمع الدولي باسره.
وتشير فرنسا الى انه لا يمكن لـ"حزب الله" الاستمرار في الخطاب السياسي نفسه، وكأن شيئا في الجنوب لم يحدث، وانه من مهمة السلطات اللبنانية وضع آلية لتحديد السبل التي من خلالها يتم دمج "حزب الله" بالجيش او غير ذلك، وهذا مشروع يتجسد في اطار دعم فرنسا لفكرة دمج كل الاطراف بالتركيبة اللبنانية.
وتوضح المصادر ان فرنسا تعطي الاولوية لتطبيق القرار 1595، الذي وضع بزخم موضع التنفيذ لا سيما من خلال القرار المتوقع صدوره عن مجلس الامن الدولي اليوم، ومن الضروري بعد ذلك، العمل لتطبيق القرار 1559، علما ان هذا القرار يتضمن امرين، الاول هو الانسحاب السوري من لبنان، وقد تحقق عمليا، مع ان مسألة انسحاب المخابرات لا يمكن التحقق منها لأنها مسألة معقدة، والثاني هو نزع سلاح "حزب الله" وهو موضوع يعتبر بمثابة التزام تجاه المجتمع الدولي وينبغي تطبيقه، ولان فرنسا تعي حساسية الموضوع ووضع لبنان ودقة المرحلة في الوقت نفسه، فهي تدعم فكرة ان يتم تطبيق هذا الامر بشكل تدريجي وبحسب ما تراه الحكومة اللبنانية مناسباً.
وقالت المصادر الاوروبية ان فرنسا تبحث باستمرار في تطوير الموقف الاميركي الداعي الى تطبيق فوري للقرار 1559 وهذا الموقف بات اقرب من اي وقت مضى، الى الموقف الفرنسي الداعي الى ضرورة نزع سلاح "حزب الله" تطبيقا لقرار دولي ملزم لكل الاطراف، لكن مع الاعتبار المهم لتطور الظروف في لبنان، اذ ترى فرنسا ان لبنان يمر حاليا بمرحلة انتقالية، وان على كل الاطراف في الداخل اللبناني والاطراف الخارجيين المعنيين بالقضية اللبنانية، ان يوحدوا جهودهم التي يجب ان تتضافر لخدمة الحكومة اللبنانية في ادائها في هذه المرحلة الدقيقة، وتهدف فرنسا من خلال الاتصالات التي تقوم بها حيال القرار 1559، الى تطبيق تدريجي للقرار من خلال ازالة اسباب وجود السلاح، ودمج كل الاحزاب، بما في ذلك "حزب الله" في الحياة السياسية اللبنانية، على ان يترك تحديد توقيت نزع السلاح وآلية نزعه لتقدير السلطات اللبنانية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.