كشفت مصادر ديبلوماسية غربية، أن الإدارة الأميركية بدأت رسم سياسة جديدة محددة تجاه الوضع اللبناني، والوضع الإقليمي، لمرحلة ما بعد صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي ديتليف ميليس.
وأوضحت المصادر، أن حصيلة الاتصالات الدولية لدرس التداعيات المحتملة للتقرير، والتي تشمل واشنطن وباريس وموسكو وكلاً من المملكة العربية السعودية ومصر، قد تخطت ما طرح في السابق حول احتمال وجود صفقة يجري التحضير لها. غير أن ما هو مطروح حالياً، هو تفاهم ضمني وغير مباشر بين الولايات المتحدة وأكثر من طرف فاعل إقليمياً على جملة مطالب أميركية لكي يأتي تنفيذها ليس على حساب إعلان الحقيقة كاملة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، بل كنتيجة لهذه الحقيقة التي لا بد من إعلانها بالكامل، وأنه لا عودة الى الوراء في هذه المسألة، وهذه الحقيقة التي يجب أن يترتّب عليها دفع تنفيذ مجموعة المطالب الأميركية إقليمياً الى الواجهة.
وتؤكد المصادر أن واشنطن ودول القرار ليسوا في وارد المقايضة على إعلان الحقيقة، وهناك مصلحة دولية في أن يصل التحقيق الى نتيجة، وأن أي تفاهم غير مباشر حول تنفيذ مطالب واشنطن الإقليمية ستتم ما بعد التقرير في إطار عاملين أساسيين:
الأول: ضيق الهامش أمام تحقيق المكاسب السياسية لدى أي جهة مؤثرة في تحقيق المطالب الأميركية، وأن مسألة كسب الوقت والثمن السياسي للعب دور في تحقيق المطالب يبدوان لا قيمة لهما.
الثاني: إن الولايات المتحدة من خلال وجود قواتها في العراق وفي أكثر من دولة عربية باتت على حدود سوريا. وهذا العامل الجغرافي ـ العسكري لا بد أنه يؤثر في تمكن واشنطن من تأدية دورها في عدد من القضايا التي تهمها في المنطقة بصورة ذاتية.
وأفادت المصادر، أن واشنطن وباريس قامتا خلال الأيام الأخيرة الماضية بتوفير مناخ دولي محاصر لأي خرق قد يحصل على خط مجلس الأمن الدولي أو في التوجه الدولي المطلوب في ما خص التطورات المحتملة دولياً بعد تقرير ميليس. وتركز هذا المناخ على دول عدة أبرزها:
ـ إسرائيل، حيث تمارس ضغوط أميركية ـ فرنسية، على تل أبيب من أجل عدم تناول القادة الإسرائيليين لا سيما رئيس الوزراء آرييل شارون الشأن اللبناني ـ السوري، وذلك بهدف منع أي ردود قد تؤدي الى تسييس نتيجة التحقيق.
ـ روسيا، فقد جرت مشاورات أميركية ـ روسية تناولت التنسيق اللازم بين البلدين بشأن ما يمكن القيام به في ضوء المضمون المحتمل للتقرير إن في مناقشات مجلس الأمن له، أو في أي تفاهمات سياسية محتملة إقليمياً كنتيجة لإعلان الحقيقة في التقرير.
ويشار الى أن الإحاطة بالدور الروسي مهمة نظراً للعلاقات التي تربط روسيا بمختلف دول المنطقة لا سيما في المجال الثنائي. وهذا ما ينطبق أيضاً على المشاورات الأميركية ـ الصينية.
ـ تركيا، والتي رفضت في السابق السير في منحى الضغوط الأميركية على دمشق، فإن انضمامها حالياً الى الاتحاد الأوروبي سيجعلها أكثر قرباً من سياسة الاتحاد الخارجية ومقتضيات التنسيق الأوروبي ـ الأميركي.
ـ مصر، وهي التي تقوم حالياً بمشاورات مكثّفة مع لبنان حول التداعيات المحتملة لتقرير ميليس، في ضوء ما انبثق عن القمة المصرية ـ السورية الأخيرة، تؤكد على ضرورة الالتزام والتعاون مع مقررات الشرعية الدولية، وتوجهات المجتمع الدولي مع العلم أن مصر لديها محاذير تتعلق بانعكاسات محاسبة الأنظمة في المنطقة، لأنه من غير الواضح لديها ما إذا كانت المحاسبة الدولية "للخونة" في أي دولة سيطال هذه الدول أم ستتعدى ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.