على الرغم من أن لبنان يحرص على موقفه الثابت المتعلق بلبنانية مزارع شبعا، فإن أكثر من علامة استفهام تبديها الأوساط الرسمية حول السبيل الذي سيسلكه لبنان في إعادة تحريك ملف المزارع دولياً، مع تزايد التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا الملف، ودخوله في فلك الضغوط الدولية القائمة.
ومع تأكيد الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن أن المزارع سورية، تبرز تساؤلات حول ما إذا كانت المنظمة ليست في وارد تعديل موقفها حيال المزارع، والذي تقول إنه ينطلق من القانون الدولي. ويتزامن هذا التذكير، مع سعي المنظمة الى استكمال تنفيذ القرار 1559 لا سيما في ما يتعلق بنزع سلاح الميليشيات، وذلك بعد إنجاز مسألتي الانسحاب السوري الكامل، وإجراء الانتخابات النيابية.
حيال ذلك، تؤكد مصادر ديبلوماسية أن لبنان لن يتنازل عن حقه بالمزارع، وأنه ينتظر المناخ الدولي المؤاتي لإعادة العمل دولياً لتأكيد لبنانية المزارع. إذ إن بيروت ليست في استطاعتها العمل من أجل تعديل القرار 242 الذي وضع المزارع في إطار منطقة عمليات "الاندوف" وهي قوات حفظ السلام في الجولان، ولا لتعديل القرار 338 في هذه النقطة.
ويلفت لبنان الى أن خط الانسحاب الإسرائيلي من لبنان والذي يسمى بالخط الأزرق تم رسمه على أساس الأراضي المحتلة في العام 1967، كمرجعية، بعد عدم تمكن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، في تلك الفترة، من التثبت من لبنانية المزارع، ما بين وثائق لبنان التي تسلّمها وأخرى في محفوظات لدى المنظمة الدولية. إلا أن لبنان يعتبر على الرغم من ذلك، أن المزارع لبنانية، وأن إسرائيل عملت على قضمها بالتدريج.
ويدعو لبنان الى إعادة التذكير بتقرير 16 حزيران 2000 الذي أنجزه أنان إثر الانسحاب. وما تجدر الإشارة إليه في هذا التقرير أن هوية المزارع يمكن تقريرها بين لبنان وسوريا، وأن المنظمة جاهزة لمساعدة البلدين في الموضوع.
وعلى افتراض أن سوريا قدمت وثيقة رسمية بلبنانية المزارع الى الأمم المتحدة، تقول المصادر، فقد لا يمكن إلزام إسرائيل بالانسحاب من لبنان وفقاً للقرار 425، لأنه يجب الأخذ في الاعتبار احتمال أن تدّعي إسرائيل بأن الاتفاق الرسمي اللبناني ـ السوري حول لبنانية المزارع، هو تطوّر جديد ومتقدّم، بعد حصول الانسحاب، وأن إسرائيل قد طبقت القرار 425، والأمم المتحدة أقرّت ذلك رسمياً. وإذا ما حصل هذا الاحتمال، يرتقب أن يتم الدخول مرة جديدة في جدل قانوني وسياسي دولي حول الانسحاب من الجنوب ومصير المزارع غير واضح النتائج. ومن الأفضل الإفادة من مناخ دولي من شأنه أن يوفر الظروف المؤاتية لشرح الموقف اللبناني ـ السوري من جديد لدى الأمم المتحدة.
وتشير المصادر الى أنه إذا ما قدّمت سوريا الوثيقة، فإن القضية ستبقى عالقة لناحية أن لدى لبنان أرضاً محتلة، بالنسبة الى الأمم المتحدة وتم العمل لتثبيت لبنانيتها في المنظمة. وستبقى القضية عالقة، في الحالة الأخرى أيضاً، إن لم تقدّم سوريا وثيقتها، خصوصاً وأن موقع منطقة مزارع شبعا الجغرافي واستراتيجيته وأهميته لا يستهان بها، لا سيما في التأثيرات التي تنعكس على وضعية المقاومة ميدانياً، و"حزب الله"، فضلاً عن الجانب السوري للمزارع، كما هو الوضع حالياً.
وإزاء كل هذه المعطيات، أين يقع ما عاد لارسن وأكد عليه الأسبوع الماضي حول هوية المزارع؟ تقول المصادر "إن حديث لارسن حول مزارع شبعا لا بد أنه يرتبط بملف مستقبل "حزب الله" والمقاومة، وحيث تطلب المنظمة الدولية نزع سلاح الحزب من خلال استكمال تنفيذ القرار 1559. ومن غير المستبعد أن السعي الى نزع سلاح الحزب سيسبقه نزع لحجة هذا السلاح واستمراريته.
يذكر أن للبنان مناطق محتلة أخرى غير مزارع شبعا هي: النقاط الحدودية الثلاث ومرتفعات كفرشوبا والقرى السبع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.