كشفت مصادر ديبلوماسية بارزة أن المشاورات نشطت خلال الساعات الماضية بين لبنان وسوريا على أعلى المستويات لتنسيق المواقف حيال المواضيع المعروضة على قمة الجزائر التي ستنعقد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، وهي القمة العادية السابعة عشرة. كما تناولت هذه المشاورات مستوى مشاركة البلدين في القمة وحضور الرئيسين إميل لحود والسوري بشار الأسد لها.
وتقول المصادر "ان القمة العربية في الجزائر ستكون قمة تعديل ميثاق الجامعة وقمة اعادة احياء المبادرة العربية للسلام، فضلاً عما يمكن للأمانة العامة للجامعة طرحه حول مسألة الانسحاب السوري الكامل من لبنان".
ففي موضوع الانسحاب، تؤكد المصادر أن لبنان وسوريا أيضاً لم يطلبا ادراجه للبحث، وان مشروعي القرارين اللبناني والسوري اللذين قدما الى القمة لم يتضمنا أي أفكار حول ذلك. ويعتبر لبنان أن الانسحاب مسألة ثنائية في العلاقات بين البلدين وأن سقفها هو اتفاق الطائف. ولبنان لا يتوقع ادراجه كبند على جدول أعمال القمة خلافاً لارادته أو لارادة سوريا، أو خارج جدول الأعمال، لأن الدول العربية تتلافى احراج بعضها البعض حيال ما يمكن ادراجه للبحث. في حين تشير مصادر ديبلوماسية عربية الى ان هذه المسألة، وان لم تدرج على الجدول، ستكون حاضرة في أعمال القمة وفي المشاورات الجانبية التي يعقدها القادة العرب على هامش أعمال القمة. ومن المحتمل أن يتضمن "إعلان الجزائر" الموقف من هذه المسألة، ان في فقرة خاصة، أو في قرار مستقل.
وأفادت مصادر عربية أن التحرك المصري الأخير في اتجاه سوريا، هدف الى معرفة ما يرغب الرئيس الأسد في أن تقدمه القمة من الدعم لسوريا على أساس انها استجابت لمطالب الانسحاب، وهي تساهم في استقرار لبنان، وأنه من غير الصحيح انها مصدر لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وهذا الموقف المصري يهدف الى مساعدة سوريا، بعد شعور عربي بأن ثمة ما يشبه العزلة الدولية وجزء منها العزلة العربية، ربما تكون سوريا تعاني منها، ويجب المساعدة في تخطيها. وستكون مستوى مشاركة سوريا في القمة، وخطابها فيها، أحد أبرز الدلائل على نجاح مصر في مسعاها. ذلك أن سقف المطالب السورية ليس حده موقف مجلس التعاون الخليجي من الانسحاب، الذي رحب فيه بقرارها سحب قواتها من لبنان واعتبار ذلك خطوة ايجابية في اتجاه تنفيذ القرار 1559، املاً أن يسهم ذلك في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، بل أن السقف هو تنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية من دون اجتزاء، وأن تكون جدولة الانسحاب بالتفاهم بين البلدين كما حصل في المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري.
وتشير المصادر الى أن سوريا تطلب من القمة أيضاً رفض العقوبات الأميركية الأحادية الجانب ضدها، على أن يصدر ذلك في القرار المعروض حول الجولان السوري، أو في قرار مستقل، كما أن سوريا لا تستسيغ التوجه الأوروبي باثارة مواضيع القرارات الدولية في شأن النزاع العربي ـ الاسرائيلي، وعدم التركيز على الجولان كأرض محتلة.
أما في شأن اعادة احياء المبادرة، فمن غير الواضح ما اذا كان سيتم ذلك مع تركها كما هي، أو مع ادخال بعض التعديلات عليها كما تطالب بعض الدول العربية، نظراً الى المستجدات من ظروف عربية ثنائية مع اسرائيل، منها اعادة كل من مصر والأردن سفيريهما الى اسرائيل ودعوة تونس رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لزيارتها، والعلاقات التجارية القطرية ـ الاسرائيلية وغيرها. والعناصر الأكثر عرضة للتعديل هي الانسحاب واللاجئون وشروط التطبيع.
الى ذلك، ستقر القمة العربية التعديلات في ميثاق الجامعة العربية لناحية اصلاحه. أي ستقر انشاء البرلمان العربي، ولكن عبر اقرار انشاء البرلمان الانتقالي الذي يحضر بدوره لانشاء البرلمان العربي.
وسيقر تعديل المادة 6 في الفقرة الثانية، بحيث تصبح أنه "في حال حصول اعتداء دولي على دولة عربية، وفي حال عدم وجود الاجماع، قد يتم اتخاذ القرار بموافقة ثلثي الأعضاء".
كما ستكون هناك موافقة في القمة على انشاء هيئة متابعة القرارات والالتزامات، وهذه الهيئة لا تلغي مفاعيل لجنة المتابعة والتحرك العربية، والاثنتان لن تتضارب صلاحياتهما. وستقر القمة أيضاً الفصل في التصويت بين المسائل الاجرائية، والتي يمكن اتخاذ قرارات حولها بالغالبية، والمسائل الاجرائية حيث الاجماع أو غالبية الثلثين. في حين أن موضوع انشاء محكمة العدل العربية لا يزال قيد الدرس. ومن المقرر ان يرفع الأمين العام للجامعة عمرو موسى تقريراً الى القمة حول مسيرة الاصلاح والتحديث في العالم العربي، وقد أودعته كل دولة تقريرها عن واقعها في هذا الشأن.
ويقوم وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم التمهيدي للقمة الذي يبدأ اليوم ويستمر غداً، بجوجلة الآراء العربية حول جدول أعمال القمة المؤلف من 16 بنداً. ويحضر مشروع اعلان الجزائر، الذي يحيله على القادة لاتخاذ الموقف النهائي في القمة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.