ترى مصادر سياسية بارزة، ان الزيارة الثانية لنائب وزير الخارجية السوري السفير وليد المعلم الى بيروت، بعد تسلمه منصبه، تأتي تكريساً للصفحة الجديدة التي انطلقت في العلاقات اللبنانية ـ السورية، والتي تطال المسائل الخارجية والداخلية.
فعلى المستوى الرسمي، تقول المصادر، إن التعاطي بين وزارتي الخارجية سيعالج القضايا السياسية المطروحة بين البلدين وستترك المسائل العسكرية للمؤسسات العسكرية، وستتم هذه المعالجة مثلما لو كانت هناك سفارة معتمدة لدى كل من الدولتين وإنما من دون "جدران"، تماماً كما هو الأمر بين لبنان والعديد من الدول لا سيما الآسيوية منها، فاعتراف كل دولة بسيادة الدولة الأخرى وكيانها، هو الأمر الأهم، وهو حاصل منذ زمن بين لبنان وسوريا، ولا مبرر لأي تخوّف ما في غير محله.
وتشير المصادر الى ان من بين ابرز المواضيع التي تناولتها زيارة المعلم، في الشق السياسي، مع الرسميين اللبنانيين، التشاور والتنسيق حول اعادة دفع مفاعيل "اتفاق الطائف" لتتخذ الحيّز الأساسي في الحياة السياسية اللبنانية، وضرورة تصحيح الخلل الذي حصل في التطبيق، وايلاء الأهمية لتفعيل الاتفاقات الموقعة، ولإعادة التحضير لانعقاد المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري الذي لم ينعقد منذ نحو ثلاثة أعوام.
ومما لا شك فيه"، استناداً الى المصادر، ان سوريا، وعبر مهمة المعلم، تحاول تحقيق ما يلي: السعي الى توسيع المسافة الزمنية أمامها وأمام لبنان، من أجل اعطاء البلدين فرصاً أكبر لإحراز تقدم سياسي على المستوى الدولي.
ـ التفتيش عن صيغة جديدة لتخفيف الاحتقان والتعاون مع الوضع السياسي المتحول في لبنان، فضلاً عن ارسال اشارة ايجابية الى عدم تدخل الأمن السوري في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتحديداً في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية والفترة التي تواكب التحضيرات لاجرائها.
وتتابع المصادر، ان المعلم بحث في لقاءاته، أيضاً، في التنسيق بين البلدين حول زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى سوريا الأسبوع المقبل، وزيارة الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ القرار 1559 تيري ـ رود لارسن الى دمشق بعد غد الجمعة حيث سيبلغ سوريا رسمياً باعتماده من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان لهذه الغاية. وسينتقل لارسن، استناداً الى المصادر، بعد ظهر الأحد المقبل الى بيروت، ويباشر الاثنين لقاءاته الرسمية، حيث سيقدم أوراق تفويضه المكتوبة، الى رئيس الجمهورية اميل لحود ويبلغه ببدء المهمة رسمياً وشخصيا.
وقد خصصت الأمم المتحدة رود لارسن بموازنة لإنشاء مكتب في بيروت يقيم فيه رسمياً، من أجل مراقبة تنفيذ القرار 1559. ومهمة هذا المكتب وضع آلية للنظر في تنفيذ القرار. وهذه الخطوة من جانب المنظمة الدولية بالغة الأهمية وتلفت الى الجدية والدقة في متابعة تنفيذ القرار.
ويلتقي رود لارسن اضافة الى المسؤولين اللبنانيين، مختلف القادة اللبنانيين السابقين، والذين يعتبرون الآن في صف المعارضة أيضاً. مع الاشارة الى ان انان سيصدر تقريره حول تنفيذ القرار المذكور في 3 نيسان المقبل اي بعد شهرين من الآن، الأمر الذي يقتضي التعاون والتنسيق.
حول التعاطي السوري مع الداخل اللبناني، تشير المصادر نفسها إلى ان اللقاءات التي عقدها المعلم، ويرتقب أن يعقدها في زيارته الثالثة لبيروت مع أركان المجتمع السياسي اللبناني لاسيما مع المعارضة، تهدف إلى التأسيس لعلاقات شخصية مع الأفرقاء اللبنانيين الذين لم يكونوا سابقاً على اتصال وثيق مع سوريا. وهذا التأسيس لا بد أن يمر أولاً بالتعارف والاستماع المتبادل إلى وجهات النظر، وهذا الأسلوب في التعاطي تعتمده الدول الكبرى. والسفير المعلم على خبرة في هذا الشأن عندما عمل سفيراً لبلاده لدى واشنطن، حين تعرّف إلى نظام العمل الأميركي من كثب.
وتتوقع المصادر، ان يأتي اجتماع المعلم مع البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في المستقبل، تتويجاً لسلسلة تفاهمات مشتركة في المواقف تتناول الوضع الداخلي اللبناني والمسائل المطروحة للبحث.
إلا ان مصادر غربية، لاحظت ان لقاءات المعلم في بيروت، لاسيما مع الرسميين، لم يتم تدوين محاضرها، كما تجري عادة في الاجتماعات الثنائية، ولاحظت أيضاً ان أركان رفيعة في الحكم لم تكن على علم مسبق بالزيارة أو بالتنسيق لها، عندما تم إبلاغها بها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.