8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تفاوت خلفيات المواقف الفرنسية والأميركية بشأن الوضع الداخلي في لبنان والـ 1559

تطرح مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع اكثر من علامة استفهام حول ما اذا كانت المواقف الفرنسية والاميركية التي يعبر عنها في بيروت سفيرا فرنسا والولايات المتحدة، في شأن الوضع اللبناني والقرار 1559، تنطوي على تفاوت ما في خلفياتها وابعادها تستدعي اجراء مقارنة في ما بينها، من اجل تحديد دقيق لسياساتهما في لبنان والمنطقة.
حيال ذلك، ترى المصادر ان الفارق في اهداف الموقفين الاميركي والفرنسي، ينطلق من اعتبارات عدة تمثل الاستراتيجية التي تعمل كل دولة وفقا لها، ولو كان ذلك في اطار السعي الى تحقيق القرار 1559 وتنفيذه على الارض.
فالسفير الاميركي جيفري فيلتمان، الذي يؤكد انه من خلال تصريحاته ينفذ تعليمات حكومته، يركز في هذه التصريحات على التفاصيل الداخلية اللبنانية والانتخابات، فضلا عن ضرورة تحقيق الديموقراطية والحرية، الى وضع الجيش اللبناني على الحدود، ونزع سلاح المقاومة وسلاح الميليشيات، وتهدف هذه المطالبة الى ان يعمل لبنان لوقف التسلل عبر الحدود. اي العمل لحماية الامن الاسرائيلي وتحصينه، وهذا يعني ايضا تسهيل التوطين مستقبلا، الامر الذي يرفضه لبنان، لانه في ظل استمرار احتلال الارض وعدم التوصل الى السلام لا يمكن للبنان العمل ميدانيا، وكأن ليس هناك من مشكلة عالقة، على المجتمع الدولي برمته ان يقوم بحلها. كما ان لبنان لا يمكنه الدخول في نزاع مسلح مع الميليشيات، خصوصا ان كل الفرقاء المهتمين بالوضع اللبناني والشرق اوسطي يدركون تماما ان المسؤولين اللبنانيين لا يمكنهم نسيان ما حصل سابقا في حي السلم اثناء التظاهر، ويعرفون انه توجد جماعات متطرفة داخل المخيمات ليس من السهولة التعاطي مع وجودها.
لذلك، تضع المصادر المواقف الاميركية التي يعبر عنها السفير الاميركي في بيروت، في خانة محاولة تجيير كل الامور لخدمة الامن الاسرائيلي، بحيث ان الاصابع الاسرائيلية غير بعيدة عن هذه الاهداف، وعن مقولة ان القرار موجه ضد لبنان وليس ضد سوريا، لانه عل المستوى الاستراتيجي الاميركي لم يثبت سقوط معادلة الخيار الاول وهو راحة الاميركيين في العراق مقابل المبادلات في المواقف، واسرائيل اكدت اكثر من مرة انها حققت انتصارا كبيرا من جراء صدور القرار 1559. وآخر المواقف الاميركية تجلت في السعي الاميركي الى عدم الربط بين القرار 1559 والنزاع العربي الاسرائيلي، خلافا لما يطالب به لبنان الذي يربط بين قرارات الامم المتحدة.
أما فرنسا، فلوحظ انه ما ان وصل سفيرها الجديد الى بيروت برنار ايميه وقدم اوراق اعتماده مطلع هذا الشهر، حتى باشر باتخاذ مواقف والادلاء بتصريحات حول سياسة بلاده بشكل صريح، تركز على ضرورة تنفيذ اتفاق الطائف.
وتعتبر فرنسا ان لها مصالح تاريخية وثقافية، وان مبادراتها تندفع للحفاظ على ذلك. اضافة الى كل هذا، ثمة اصرار فرنسي على تنفيذ القرار 1559 من دون الدخول في التفاصيل.
لكن الاكيد، ان واشنطن وباريس لن تتضارب مواقفهما حيال الدعوة الى تطبيق القرار 1559، وان تنافست مصالحهما في لبنان والمنطقة، بين الدعم لاسرائيل واستقرارها على حساب الدول العربية والسعي الى حمايتها، وبين ضرورات الحفاظ على العلاقات التقليدية التي انبثقت بحكم التاريخ.
كما ان الاكيد، ان التعاطي الدولي مع لبنان والمنطقة يختلف ما بعد القرار 1559 عما كان الوضع قبله، فالتدخل الدولي في الشأن الداخلي بات يتم بشكل متماه، واذا ما اصطدمت التطورات الداخلية بالمفهوم الدولي الجديد بعد صدور القرار 1559، فسيتدخل المجتمع الدولي لتصويبه.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00