تنفي مصادر ديبلوماسية لبنانية أن يكون في نية لبنان طرح القرار الدولي 1559 على الاجتماعات الثلاثة المرتقبة لوزراء الخارجية العرب التي تعقد في 9 و10 كانون الثاني المقبل في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، إذ إن مجلس الجامعة حسم الجدل حول هذه النقطة في دورته الأخيرة عندما ركّز في مقرّراته على علاقات لبنان المميّزة مع كل الدول العربية، خصوصاً مع سوريا.
إلا أن القضية الأبرز للبنان، والتي سيطرحها في الاجتماعات الثلاثة، الاستثنائي والتشاوري ولجنة المتابعة والتحرك التي ستتابع تنفيذ نحو 36 قراراً صدرت عن قمة تونس، هي ضرورة حصول دعم عربي لاستكمال تحرير مزارع شبعا والنقاط الحدودية الثلاث، واستكمال الإفراج عن الأسرى في السجون الإسرائيلية، واستكمال تسليم إسرائيل لخرائط الألغام الـ400 ألف التي خلّفتها وراءها، فضلاً عن ضرورة تفعيل المبادرة العربية للسلام للتوصل إلى حل عادل للنزاع العربي ـ الإسرائيلي. ويعد لبنان لمواقفه التي يتخذها حيال كل المواضيع التي ستعرض في الاجتماعات الثلاثة.
فالاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب ينعقد في 9 و10 كانون الثاني وعلى جدول أعماله بند وحيد، هو بحث تعديل ميثاق الجامعة، ويهتم الأمين العام للجامعة عمرو موسى بتسريع إقرار التعديل بغض النظر عن الظروف غير الإيجابية وغير المستقرة في العالم العربي.
وفي هذا الإطار، طلبت الأمانة العامة من الدول الأعضاء وضع تصوراتها لتعديل الميثاق وفقاً لما صدر عن قمة تونس وللمسودة الأخرى التي أعادت الجامعة إحياءها والتي تتضمن مشاريع كانت قد طرحتها الدول العربية خلال القمة الأخيرة.
وتأتي إعادة إحياء المشاريع، ولا سيما تلك المتضمنة تطوير منظومة العمل العربي المشترك وإنشاء مجلس الأمن العربي، وإنشاء المجلس الاقتصادي والمالي العربي، ومحكمة العدل العربية، والبرلمان العربي وسبل التصويت على مقررات الجامعة، في ضوء عدم تناولها بالاسم في ما صدر عن قمة تونس من حيث الموافقة عليها. فالقمة الأخيرة أقرّت تعديل الميثاق طبقاً للمادة 19 منه، وفي إطار ما نصّت عليه وثيقة العهد، وبناء على المشاريع المقدمة من الأمين العام ودراسة هذه المشاريع والتعديلات المقترحة على الميثاق، وإعداد صياغتها النهائية، تمهيداً لعرضها على القمة المرتقبة في الجزائر.
وبناء على ذلك، سيعمل الاجتماع الاستثنائي للوزراء العرب، على تنفيذ قرار قمة تونس، حيث يفترض أن تتم بلورة أفكار متقدمة حول تعديل الميثاق بحيث تأتي الدورة العادية للجامعة في آذار والاجتماع الوزاري الممهد للقمة لإقرار الصيغة النهائية للتعديل تمهيداً لعرضها على القادة العرب في اجتماعات القمة. وتنشط الاتصالات العربية على أعلى المستويات منذ الآن لتذليل العقبات أمام التعديل، خصوصاً أنها تتم للمرة الأولى وفي ظل ظروف دولية دقيقة، من جهة، في ظل تفاوت في مواقف الدول العربية حيال الأفكار المطروحة التي من المقرر أن يتناولها التعديل الجديد من جهة ثانية.
وتتركز الاتصالات العربية الحالية على تقريب وجهات النظر، فبالنسبة إلى إنشاء البرلمان العربي، فمن غير الواضح بعد توافر موافقة بعض الدول الخليجية حيث لا برلمانات حتى الآن، فالمملكة العربية السعودية لديها مجلس الشورى، وقطر ليس لديها برلمان ولا الإمارات العربية المتحدة أيضاً. والمملكة باشرت بإجراء الانتخابات البلدية، لكن في الكويت هناك مجلس الأمة، وهناك دول عربية أخرى لديها برلمان، ودول في طور الإعداد لإنشاء برلمان، فضلاً عن وضع كل من فلسطين والعراق في هذا المجال، والانتخابات المرتقبة في كل منهما.
أما في مسألة إنشاء مجلس الأمن العربي، والتي تحتاج أيضاً إلى مزيد من النقاش، فلم يبدر من لبنان أي موقف، في حين أبدت بعض الدول تحفظات واعتبرت أن مجلس الأمن الدولي موجود لحل الخلافات واتخاذ القرارات في شأن الأمن والسلام والاستراتيجيات الدولية الكبيرة.
وما ينطبق على هاتين المسألتين ينطبق أيضاً على قضية اتخاذ القرارات بالغالبية في حال عدم توافر الإجماع، فلا تزال هذه النقطة في حاجة إلى مزيد من البحث والحوار، خصوصاً أن هناك مشكلة في ما يسمى بالإجماع، فإن رفضت إحدى الدول لا يصدر القرار، كذلك فإن ثمة قرارات تتخذ بالتوافق، وهذا يعني أنه قد يتم اتخاذ قرار مع تحفظ دولة أو أكثر. كما لدى الجامعة القرار الذي يؤخذ بالأغلبية، أي التصويت لكي يتخذ القرار. وفي التوافق قد تطرح أي دولة موقفاً متحفظاً. وتعود خلفيات هذه القضية إلى فشل مجلس الجامعة في اتخاذ قرار بإدانة احتلال العراق للكويت في العام 1990، ومساعيهم الحالية إلى معالجة هذا الواقع، ما يعني أن هذه المسألة لا تزال عالقة ومن المحتمل أن يبقى القرار في القضايا السياسية للأكثرية، بسبب حساسية هذه القرارات، في حين تتخذ القرارات المالية والإدارية بالإجماع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.