8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تقويم لبناني للاتصالات حول السلام:

تجري بيروت تقويماً للاتصالات الجارية في شأن احتمال عودة المفاوضات في الشرق الأوسط، لا سيما بعد حديث الرئيس الأميركي جورج بوش عن التركيز على تفعيل المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتزامن ذلك مع مواقف ضاغطة على سوريا بدلاً من السعي الى الضغط على إسرائيل للعودة الى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ العام 1996 على المسارين اللبناني والسوري.
وتفسر مصادر ديبلوماسية بارزة أسباب الأولوية الأميركية للمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بالتقاء هذا الموقف مع الموقف الإسرائيلي والاستجابة له ويكمن التفهم الكبير للرغبة الإسرائيلية والأسباب في:
ـ مراعاة إسرائيل في انهماكها بأوضاعها الداخلية ومسعاها الى استكمال مخططاتها في بناء الجدار الفاصل، واستكمال الانسحاب من غزة وقضم ما يمكن قضمه من الضفة الغربية، وبناء المستوطنات. ويترافق هذا ما تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون أن ليس لديه نية في المدى المنظور للانسحاب من الجولان. كما أن لديه أزمة داخلية وقد تؤثر عليه الأمر الذي يستبعد معها إعادة التفاوض مع سوريا.
ـ أن إسرائيل لا تزال غير جدية بعد في شأن إقامة مفاوضات طويلة مع الفلسطينيين، وإذا ما تمّت مفاوضات على هذا المسار، ولو في حد أدنى، أي عدم البحث في مواضيع الحل النهائي وإرجاء ذلك الى وقت لاحق، فإنه يستحيل عليها الدخول في الوقت نفسه في مفاوضات على المسار السوري ـ الإسرائيلي من أجل إخلاء الجولان. إذ يصعب على إسرائيل تقديم ما تسميه "تنازلات"، وهو في الواقع حقوق عربية، على خطين اثنين في وقت واحد.
ـ أن إسرائيل تعتبر نفسها في موقع قوة، وبالتالي يعود إليها تحديد مكان المفاوضات وزمانها وشروط استئنافها. والتأخير الإسرائيلي في تلقف المبادرة السورية الأخيرة بالنسبة الى استعداد دمشق للتفاوض، مرده الى انتظار إسرائيل إمكان حصول انتخابات لديها في آذار المقبل، بحيث تكون بعد هذه الانتخابات هي صاحبة المبادرة في السلام، لا سيما مع سوريا. ومن الآن وحتى هذا التاريخ تعمد الدولة العبرية الى رفع السقف في شروطها حول استئناف المفاوضات على المسار السوري، من أجل كسب الشارع الداخلي، والظهور في مسألة السلام، انها من رجالاته. وللتوصل الى أن يكسب شارون في الانتخابات المتوقعة، لا بد في حساباته من أن تقوم دمشق عبر خطواتها ومواقفها، بتشجيعه على السلام الذي يمر أولاً في كسبه الانتخابات.
وفي هذا الإطار، طلبت إسرائيل عبر دول أوروبية، أن تقوم سوريا في الفترة الفاصلة عن آذار بإثبات "حسن النية"، وبتحقيق "عملية بناء الثقة" حسب المفاهيم الإسرائيلية. وهذه الأهداف ستكون محور تحرك أوروبي خلال الفترة المقبلة، ذلك أن إسرائيل ترغب في السير بالسلام بشروطها، في حين أن اليسار في إسرائيل ليست لديه خطة بديلة لما يطرحه شارون، وكل الظروف الداخلية الحاصلة تسهّل مهمة زعيم "الليكود".
وتتوقع مصادر مطلعة أن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بتحرك عربي، لا سيما وأن حديث بوش عن أن سوريا دولة ضعيفة، مسألة ملفتة للنظر، فهل المطلوب من سوريا أن تثبت قوتها ودورها في المنطقة؟ وكيف ستثبت أنها ليست بلداً ضعيفاً؟
ويبدو أن العمل لدفع المسارين السوري واللبناني مع إسرائيل مرتبط أميركياً، استناداً الى المصادر، بثلاثة أمور: الأول، أن يكون قد أقلع التفاوض على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والثاني، أن تتبلور أكثر الخريطة السياسية الجديدة للوضع العراقي بعد إجراء الانتخابات، وهذا الموضوع يدخل في صلب الاستراتيجية الأميركية وأولوياتها في المنطقة، وثالثاً: أن تكون سوريا "صديقة" للولايات المتحدة، وأن تقوم بالتالي بفهم الجو الجديد في الشرق الأوسط والتعاون في ما هو مطلوب، من الوجهة الدولية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00