8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

السياسة الخارجية خلال ولاية بوش الثانية: إشارات ورسائل جدّية وأدوار للحلفاء

افادت مصادر ديبلوماسية بارزة، ان اهتمامات الدولة العربية لا سيما المعنية منها بعملية السلام في الشرق الأوسط تتركز على ما ستكون عليه السياسة الأميركية تجاه الخارج في ظل العهد الثاني للرئيس جورج بوش، الذي سيؤدي اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل. فضلاً عن أداء وزارة الخارجية الأميركية لهذه السياسة بعد تعيين كوندوليسا رايس لهذه المهمة والتي ستتسلمها رسمياً بعد أن يوافق الكونغرس على طلب تثبيتها في هذا المنصب، والمتوقع قريباً.
وتشير المصادر الى أن من السذاجة تناول وجود رايس في هذا المنصب من وجهة التشدد أو عدمه، ففي النظام الرئاسي كما الولايات المتحدة. الكلمة الأخيرة للرئيس لا سيما في القضايا المتعلقة بأولويات الاستراتيجية في السياسة الخارجية، كما كانت عليه ولا تزال قضية مكافحة الارهاب العالمي وقضية العراق. لكن في القضايا العادية في السياسة الخارجية، فان وزارة الخارجية تقوم باعداد دراساتها حول سبل التعاطي، وتحديداً قسم الدراسات الاستراتيجية في الخارجية الأميركية الذي يرسم المقترحات. ثم تقدم الـ "سي. إي. إيه" دراستها حول احتمال ان تنجح دراسة الخارجية أم لا، على ان يعطي مجلس الأمن القومي قراره الأخير. وهو المجلس الذي يضم وزيري الخارجية والدفاع ومجلس الأن الوطني، ووكالة الاستخبارات المركزية.
وفي هذا الاطار، تتابع المصادر، فانه يتوقع ان تكون رايس متشددة في تلبية سياسة الرئيس وتطبيق ما يريده، لناحية الأهداف وطريقة تسويق هذه الأهداف، لأن القضية ليست قضية تشديد نابع منها شخصياً أو من وزارتها، بل من السياسة الخارجية التي يمسك الرئيس بزمامها. ومع عدم استبعاد ان يفضل طاقم العمل في وزارة الخارجية اللغة الديبلوماسية، الا انه يبدو ان امام الديبلوماسية الأميركية تحديات كبيرة، ومنهجية جديدة تختلف عن تلك التقليدية التي كانت قائمة على التفاوض والتعامل )gnikam laeD(، وايفاد المبعوثين الأميركيين الى الشرق الأوسط لكي يسمعوا ويتفاوضوا ويتقدموا في الحوار مع الوقت.
الآن، اختلفت فلسفة الديبلوماسية للدولة العظمى، وستعتمد مبدأ ضرورة ان "تفهم الدول بالتي هي أحسن" وان توفر على حالها المشقات. وسيتم، استناداً الى المصادر، لتحقيق ذلك، إتباع ما يلي:
1 ـ ان يكون دور الديبلوماسية الأميركية ايصال اشارات ورسائل حول الاصرار على هدف ما مع ما يترافق من ضغوط وخطوات تصعيدية تدل على جدية الموقف وما قد يتأتى من عدم التنفيذ.
2 ـ ان يقوم الحلفاء في المنطقة، مصر والأردن على سبيل المثال، بجوجلة الموقف النهائي الأميركي ونقل الأفكار نتيجة هذه الجوجلة الى الدول المعنية وافهامها الرسائل بالطرق المباشرة. وقد يكون الدور الذي تقوم به مصر مع سوريا حالياً في شأن القرار 1559، وما يمكن ان يتم من تبادل مواقف سوريا واسرائيل عبر القاهرة حول استئناف المفاوضات، أبلغ دليل على توزيع الأدوار بين الحلفاء، سعياً لارساء مواقف الدولة العظمى، كما "أن دور الحلفاء ليس فقط تسويق الأفكار ونقل الرسائل بشكل مبطن وجازم، بل أيضاً اجراء اختبارات حول ردود الفعل عليها.
3ـ الاستمرار بسياسة الضربات الاستباقية ومفهومها، خصوصاً ان العدو الجديد هو الارهاب الذي لا يمكن حصره بحدود جغرافية معينة، مما يجعله غير واضح المصدر، فضلاً عن بروز السلاح لدى دول صغيرة خلافاً لما كان الوضع في عهد الجبارين الأميركي والروسي.وهذه الدول تهدف من جراء حيازتها الأسلحة الى توفير الحماية الذاتية ضد الدخول الأميركي في الفراغ العالمي، وليس لاستعماله، ثم اتهام العراق بحيازته الأسلحة، وشن الحرب عليه، والاتهامات التي توجه ضد دول في المنطقة حول انها تؤوي الارهاب الدولي. ففي حالة الشعور بالفراغ الدولي، وسقوط روسيا كجبار آخر، اثر الحرب الباردة، ثم امتلاك السلاح النووي والمتهمة به ليبيا وكوريا وايران والعراق، حتم على واشنطن التعاطي بودية صارمة مع هذه الدول والطلب منها تفكيك هذا السلاح وعدم اللجوء اليه.
ولن تكون، في اعتقاد المصادر، الوزيرة رايس أكثر تشدداً من زميلتها السابقة مادلين اولبرايت، التي فرضت حصاراً على العراق استمر عشر سنوات، لا بل ستنفذ سياسة رئيسها، وهذا ما فعله ايضاً سلفها كولن باول الذي خبأ أظافره واعتمد تسويق أهداف الرئيس بأسلوب ديبلوماسي. فباول لم يكن ضد الحرب على العراق واسقاط نظام صدام، بل سعى لأن يتم ذلك بأسلوب معتدل.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00