توقفت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت عند ردة الفعل اللبنانية على تعيين كوندوليزا رايس وزيرة للخارجية الأميركية، والتي لم تتناول أية دعوات مستقبلية ولا سيما التعبير عن الانفتاح على الحوار، وهو قائم مع الإدارة الأميركية، بل الحديث عن التشدّد الذي تمثله هذه المسؤولة.
ولاحظت هذه المصادر ان لبنان وسوريا يجريان التنسيق اللازم حيال خطواتهما في التعاطي مع الإدارة الأميركية الجديدة والدعوات إلى تنفيذ القرار 1559، فسوريا تحاول ان تقدم جديداً في الحوار الذي تقيمه مع الولايات المتحدة ولا تقصر مواقفها على تكرار المبادئ العامة التي تحكم سياستها في المنطقة فحسب، بل تسعى إلى الدخول في التفاصيل، وهذا ما يسجل منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى دمشق مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وليم بيرنز، والذي تقول المصادر الغربية انه لمس من الرئيس السوري رغبة حقيقية في التعاون وأن البلدين يقدمان الأفكار من اجل التفاهم على مضمون هذا التعاون وآفاقه.
وتزامن ذلك مع إشارات سورية عبّرت عن المقاربة الايجابية للموقف الأميركي، ومرونة بارزة في التعامل مع القرار 1559. فقد امتدحت سوريا الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي جورج بوش بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية وقالت انه خطاب جيد وإن القرار 1559 لا يحوي سلبيات ضد لبنان وسوريا.
ثم هناك الإشارات المتعلقة بالاستعدادات السورية لاستئناف مفاوضات السلام، وهذا ما نقلته دول أوروبية صديقة لدمشق إلى واشنطن.
لكن في هذه المرحلة ماذا يفعل لبنان؟، من المؤكد للمصادر ان لبنان على تنسيق مستمر مع سوريا لدرء إمكان حصول أية صعوبات امامه. أما في شأن الحوار اللبناني ـ الأميركي حول الـ1559 والوضع في المنطقة، فإن لبنان يحافظ على سياسته التي تقوم على تكرار الثوابت المعروفة حيال الاستقرار في لبنان، والسلام في المنطقة من دون تقديم أي شيء جديد. ويتخلل ذلك مسعى غير واضح الآفاق لإعادة التواصل مع الولايات المتحدة ومع فرنسا، لكنه يبقى ضمن الأطر الديبلوماسية عبر السفارات وليس عبر الزيارات أو الموفدين، مع الاحتفاظ بالمواقف المتشددة سياسياً.
كما ان لبنان يضع في أولويات تحركه للفترة المقبلة التوجه نحو الأمم المتحدة في اطار خطة عمل هدفها استمرار التواصل مع المنظمة الدولية وتأكيد ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بدورها تجاه كل دولة عضو من أعضائها لأن للبنان حقوقه داخل الشرعية الدولية وعلى الجميع احترامها.
واستناداً إلى مصادر ديبلوماسية لبنانية، فإن لبنان يرى فائدة كبيرة في العمل على تكرار موقفه من القرار المذكور، لأن من شأن ذلك دفع الدول إلى الأخذ به، لأنه يقوم على:
ـ تمسك لبنان بحقوقه وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
ـ حرص لبنان على أن تكون الشرعية الدولية متوازنة وأن تنفذ معياراً واحداً هو شرعية الأمم المتحدة وليس معايير مختلفة للقضايا المطروحة.
ـ ان للبنان مطالبة تعود إلى الماضي من المنظمة لتنفيذ القرارات الصادرة عنها وإذا نفذت فلا حاجة إلى القرار 1559.
ـ ان الأسلوب الذي سيتبعه لبنان في هذا التعاطي هو الحكمة والتعقل وعدم المواجهة في اطار التركيز على دفع التواصل مع المجتمع الدولي.
والمهم في ذلك ان لبنان يأخذ في الاعتبار مصالحه العليا، وضرورة عدم إفساح المجال لإسرائيل لكي تستغل القرار لتنفيذ سياساتها وتحقيق أطماعها، وإثارة المواقف الدولية السلبية ضد لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.