القراءة اللبنانية الأولية لفوز الرئيس الأميركي جورج بوش بولاية ثانية في رئاسة الولايات المتحدة، تتوقع ازدياد الصعوبات أمام كل من لبنان وسوريا نتيجة الضغوط التي تمارس في إطار القرار الدولي 1559، وتمسك الإدارة الجديدة بسياستها الخارجية لا سيما استراتيجيتها السياسية تجاه منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وعلى الرغم من عدم وجود ردود فعل رسمية لبنانية فورية على فوز بوش، لا يُتوقع أن تشهد العلاقات اللبنانية ـ الأميركية تطوراً إيجابياً كبيراً، لكن ذلك لا يعني أن سوريا لن تعمد إلى العمل على تحسين علاقاتها مع واشنطن، والعلاقات الأميركية ـ السورية ستتأثر في المدى المنظور بأربعة عوامل هي: مدى تنامي العلاقات السورية مع الاتحاد الأوروبي، وتطور ملف الحد من الأسلحة النووية الإيرانية، والملف العراقي، وموضوع ثبات الجبهات في الجنوب اللبناني. من هنا، فإن الانفتاح السوري الكبير على الاتحاد الأوروبي سيجعل سوريا تخترق أي عزلة قد تسعى إدارة بوش الجديدة إلى وضعها فيها لتنفيذ استراتيجيتها في المنطقة، على غرار عزلة العراق سابقاً، وليبيا وكوبا.
ولكن، يخشى المراقبون، استناداً إلى معلومات خاصة، أن تضغط واشنطن على الدول الأوروبية من أجل وضع "حزب الله" على لائحة الإرهاب الأوروبية، على اعتبار أن هذا الاتجاه هو من ضمن روحية القرار 1559. وإذا ما حصل ذلك، يعني أن هنالك مسعى لعرقلة الانفتاح السوري على الاتحاد الأوروبي.
أما على الصعيد الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فإن الإدارة الأميركية الجديدة تبدو أمام رسم سيناريو جديد لمواجهة هذا النزاع، خصوصاً وأن رؤية بوش للحل في المنطقة، والتي ارتكزت على قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، أثبتت أنها سقطت، ولا مجال حتى الآن لتحقيق الدولة الفلسطينية التي وعد بها في العام 2005، الذي لا يفصل عنه سوى شهرين ونصف الشهر. كما أن هذا السيناريو سيأخذ في الاعتبار وضع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الصحي، وبالتالي، وجوده أو غيابه عن الساحة الفلسطينية، وما قد يطرأ من سياسات تجاه الفلسطينيين في حال غيابه، وما إذا سيتم الاستمرار في دعم خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي للانسحاب من غزة، أم أنه سيتم وضع مشروع جديد، وما إذا ستتم العودة إلى "خارطة الطريق" كمرجعية أم لا.
وبالنسبة إلى العراق، ستكون الإدارة الجديدة في حاجة أكبر إلى دور للأمم المتحدة هناك في شتى المجالات، لكن واشنطن لن تتخلى عن استراتيجيتها حيال هذا البلد، ولن تجلو القوات الأميركية عنه في الوقت الحاضر إلى أن تطمئن إلى سياسته، وإنجاز الإصلاحات المرجوة من واشنطن داخله.
وبذلك سيستفيد بوش من الدعم الشعبي الذي يمثله فوزه بولاية ثانية في إكمال مشروعه في المنطقة بشكل أقوى، ولهذه الغاية سيتم تفعيل جهود الكونغرس الذي يطغى عليه التوجه الجمهوري لدعم برامجه في السياسة الخارجية. وهذه هي المرة السادسة التي يسيطر فيها الجمهوريون على مجلس الشيوخ، والمرة الرابعة التي يسيطرون فيها على مجلس النواب.
وهناك التعيينات الجديدة المتوقعة داخل أجهزة الدولة لا سيما وزارة الخارجية الأميركية حيث سيتم استبدال الوزير كولن باول بشخصية تعمل لتنفيذ برنامجه إزاء المنطقة نهجاً وأسلوباً، لأن باول الذي كانت لديه الأهداف نفسها، كان أسلوب عمله في العديد من التكتيكات يختلف عن توجه بوش.
وإذا فازت النائبة روس لاتينن برئاسة لجنة العلاقات الدولية خلفاً للنائب هنري هايت، فستزداد الضغوط على لبنان من جانب الكونغرس، خصوصاً أن هذه النائبة التي تشغل حالياً منصب رئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط قدمت مشروع قانون محاسبة سوريا.
ويقدر أن التعيينات المتوقعة، ستتجه إلى التشدّد في تطبيق نهج بوش، وهذا ما سيتبع تجاه الملف النووي الإيراني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.