8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تمنّى تعاطياً منصفاً مع المشكلات التي تهم الدول الأعضاء

دعا لبنان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى التركيز في التقرير الذي يعده بشأن تطبيق القرار 1559، على أساس مشكلة الشرق الأوسط، أي الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي العربية المحتلة بما فيها مزارع شبعا والجولان، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية القاضية بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم مع العودة الى مبادئ مؤتمر مدريد واستئناف مفاوضات السلام بناء على ما توصلت اليه الأطراف المعنية.
"إن هكذا تقرير هو الكفيل بإراحة مجلس الأمن نهائياً من مشقات بحث أزمة طالت كثيراً، ومنعت الدول العربية وشعوبها من الانصراف الى التنمية التي يتوقون اليها".
وفي رد رسمي أبلغه الى أنان، وضمنه وجهة النظر والملاحظات اللبنانية على القرار 1559 وتطبيقه، أمل لبنان من الأمم المتحدة ومجلس الأمن "ان يؤديا دوراً منصفاً وعادلاً في التعاطي مع المشكلات التي تهم كل الدول الأعضاء".
وجاء في الرد الملاحظات الآتية:
1 ـ القوات غير اللبنانية المتواجدة في لبنان هي إما قوات إسرائيلية تحتل جزءاً من أراضيه (مزارع شبعا والنقاط الثلاث) والتي أتمت احتلالها لهذه الأراضي على مراحل زمنية مختلفة، أو قوات سورية شقيقة موجودة في لبنان، أساساً بناء على موافقة سلطته الشرعية منذ ما يزيد عن عشرين عاماً، ثم جرى تنظيم وجودها الموقت لاحقاً بموجب اتفاق الطائف الذي أقره مجلس الأمن ولاحقاً أيضاً بموجب اتفاقية التعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين في 22/5/1991. وأماكن تواجد هذه القوات الشقيقة على الأراضي اللبنانية تحددها سلطات البلدين بالاتفاق في ما بينها تبعاً لحاجات لبنان الأمنية. وفي هذا الإطار تم إعادة تمركز القوات السورية على الأراضي اللبنانية عدة مرات بالاتفاق بين السلطات العسكرية في البلدين الشقيقين، وآخرها إعادة الانتشار التي تمت في العام 2002.
أما بالنسبة لقوات الاحتلال الإسرائيلي فإنها لا تزال تحتل جزءاً من أراضيه في مزارع شبعا، مما ينتهك سيادته وسلامته الإقليمية ووحدة ترابه ويمنع انصرافه الى التنمية الهادفة الى رفع مستوى معيشة أبنائه.
ويضاف الى هذه القوات بعض السلاح الفلسطيني المتواجد في بعض المخيمات وهو نتيجة وجود سياسة التهجير والتشريد ثم الاغتيال والقتل التي مارستها إسرائيل ضد الفلسطينيين مما حمل بعضهم على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم ضد عمليات الاغتيال الإسرائيلية.
2 ـ شهد لبنان في الفترة الممتدة ما بين 1975 و1990 حرباً أهلية ظهرت فيها ميليشيات لبنانية مختلفة تم حلها جميعاً بانتهاء هذه الحرب الأهلية المشؤومة، ومنذ ذلك الحين سحب سلاح هذه الميليشيات بعد حلها وبقي في لبنان سلاح السلطات اللبنانية الرسمية الى جانب سلاح المقاومة الوطنية اللبنانية المتواجدة في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهي تشكل توازن رادع بوجه الخروق الإسرائيلية اليومية. ومن البديهي أن لبنان الدولة المسالمة والتي ليس بمقدورها مجابهة جيش الاحتلال الإسرائيلي تقبل بتواجد السلاح بين أيدي مواطنيها المقاومين لهذا الاحتلال وذلك تطبيقاً لمبدأ حق الدفاع عن النفس وتحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي والذي تقره شرعة الأمم المتحدة وجميع القوانين والشرائع الوضعية والسماوية، هذا السلاح الذي ستنتفي الحاجة اليه بمجرد خروج القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. هناك في لبنان أيضاً السلاح المتواجد في المخيمات الفلسطينية والتي لم تكن لتوجد نفسها لولا عمليات التهجير والتشريد التي مارستها إسرائيل ضد ابناء الشعب الفلسطيني المظلوم ثم لاحقاً عمليات القتل التي طاردت فيها إسرائيل الفلسطينيين في أماكن هجرتهم. والحل بالنسبة لهذه الأسلحة المتواجدة بين أيدي الفلسطينيين ليس بالمواجهة مع اخوانهم اللبنانيين بل الحل هو في عودتهم الى ديارهم تطبيقاً لقرار الجمعية العامة رقم 194 وبإنشاء الدولة الفلسطينية الموعودة لهم مما تنتفي معه الحاجة الى حمل السلاح.
3 ـ إن تطبيق إسرائيل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وانسحابها من الأراضي العربية المحتلة وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة وإقرار حق العودة الى تلك الدولة كفيل بحل الوضع في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان عبر عودتهم الى ديارهم.
إن لبنان الذي يرفض رفضاً باتاً وفقاً لمقدمة دستوره توطين الفلسطينيين في أراضيه يدعو دول العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن الى إجبار إسرائيل على تطبيق قراراته ذات الصلة مما يؤدي الى نزع فتيل التفجير في المنطقة.
ويدرك العالم أن التصادم اللبناني الفلسطيني في لبنان سيغرقه والمنطقة في مرحلة عدم استقرار وتطرف ونزاعات تهدد الأمن الإقليمي.
4 ـ بعد تحرير الجنوب والبقاع الغربي في أيار 2000 أرسلت الحكومة اللبنانية قواتها من جيش وقوى أمن داخلي وشرطة الى جميع الأراضي المحررة وبالعدد الذي وجدته السلطات العسكرية المختصة ضرورياً في هذه المنطقة. وتشهد تقارير قوات الأمم المتحدة بأن دوريات قوات السلطة اللبنانية على مختلف أنواعها تتواجد في المنطقة وتقوم بواجباتها، وتواجد هذه القوات بمختلف أنواعها هدفه حفظ الأمن والنظام وسلامة المواطنين، والجميع يشهد بأن هذه المهمة متممة على أكمل وجه. ولا شك أن انسحاب إسرائيل مما بقي من أرض لبنانية محتلة سيساعد على استقرار الأوضاع نهائياً في المنطقة وسيمكن السلطات اللبنانية والشعب اللبناني، بعيداً عن خطر المواجهة المستمرة، من الانصراف الى تنمية المناطق التي رزحت تحت الاحتلال الإسرائيلي فترة طويلة.
5 ـ يرعى الدستور اللبناني عملية الانتخابات الرئاسية، وهذا الدستور يلحظ أيضاً أصول وكيفية تعديله وهو أمر يعود للسلطتين التنفيذية والتشريعية وقد سبق إجراء ثلاثة تعديلات على هذا الدستور في الأعوام 1990 و1995 و1998 ومن بينها تعديل الدستور للتمديد 3 سنوات للرئيس الياس الهراوي في العام 1995، وضمن نفس الأصول الدستورية والشرعية المعتمدة من دون أن تثير أي اعتراض أو تدخل من مجلس الأمن. وقد تم بتاريخ 3 أيلول 2004 تقديم مشروع تعديل المادة 49 من الدستور بغية تمديد ولاية فخامة رئيس الجمهورية الحالي العماد إميل لحود مدة ثلاث سنوات على غرار ما حصل مع الرئيس الهراوي في العام 1995. وقد صوت المجلس النيابي المنتخب بانتخابات مشهودة وطبيعية ودستورية على هذا التعديل الذي عارضه 29 نائباً مما يثبت أن النواب انقسموا حيال عملية التعديل الى قسمين قسم أيّد وقسم عارض وفقاً لقواعد اللعبة البرلمانية التقليدية.
6 ـ إن لبنان يحتمي بظلال الشرعية الدولية وأولها مجلس الأمن ويطالب بتطبيق قرارات هذه الشرعية بدون استثناء أو تمييز ولا سيما قرارات مجلس الأمن التي يؤدي تطبيقها الى استقرار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والى إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي الذي تجاوز عمره النصف قرن، وقدمت القمة العربية المنعقدة في بيروت في آذار 2002 مبادرة سلام تنهيه نهائياً، إن قبلت إسرائيل يد السلام العربية الممدودة اليها.
7 ـ إن لبنان الحريص على احترام الشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة لا يمكنه إلا التعبير عن أسفه لصدور القرار 1559 الذي يشكل سابقة خطيرة لجهة التدخل في شؤون داخلية لبلد عضو ومؤسس في الأمم المتحدة ويؤكد مجدداً على رسالته بتاريخ 30/8/2004.
يعتقد لبنان بأن تقديم سعادة الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً يركز فيه على أساس مشكلة الشرق الأوسط أي الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها مزارع شبعا والجولان وتطبيق قرارات الشرعية الدولية القاضية بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم مع العودة الى مبادئ مؤتمر مدريد واستئناف مفاوضات السلام بناء على ما توصلت اليه الأطراف المعنية، تقرير لسعادة الأمين العام، يتضمن كل ذلك، هو الكفيل بإراحة مجلس الأمن نهائياً من مشقات بحث أزمة طالت كثيراً ومنعت الدول العربية وشعوبها من الانصراف الى التنمية التي يتوقون اليها. كما أنه يبرز الموقف المتوازن والشامل والعادل الى معالجة أسباب الأزمة الكبرى التي تشغل المنطقة لا الى متفرعاتها أو نتائجها.
8 ـ إن لبنان إذ يقدم ملاحظاته حول القرار 1559 الى سعادة الأمين العام، ويشكره على جهوده التي يبذلها، فإنه يأمل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يلعبا دوراً منصفاً وعادلاً في التعاطي مع المشكلات التي تهم كل الدول الأعضاء ويأمل اعتبار هذه الملاحظات بمثابة وثيقة رسمية وضمها الى التقرير الذي سيصدره سعادة الأمين العام أو توزيعها كوثيقة رسمية على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00