مع بدء العد العكسي لصدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في الثالث من تشرين الأول المقبل حول التزام لبنان وسوريا تطبيق القرار 1559، تتركز الجهود اللبنانية على مسألة هي الأكثر أهمية، وهي العمل لتحسين مضمون هذا التقرير، لتعذر امكان رفضه أو العمل على استصدار قرار مناوئ للقرار 1559.
وتقول مصادر ديبلوماسية بارزة في بيروت انه ليس أمام لبنان سوى التعاطي مع تقرير أنان في ما يعتبر تعاطياً غير مباشر مع قرار مجلس الأمن، وتؤكد ان التعاطي مع التقرير لن يكون لبنانياً صرفاً، وإنما لبناني ـ سوري مشترك، ومن خلال جملة عوامل مساعدة لأنان في تقريره بدأت تظهر على الأرض، حيث يأمل لبنان ان يأخذ أنان الموقف اللبناني في الاعتبار، وأن يأتي هذا التقرير متوافقاً معه.
وأول هذه العوامل مسألة إعادة الانتشار التي بدأتها القوات السورية العاملة في لبنان، وهي القوات الموجودة وفقاً لاتفاق الطائف ومعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق التي نتجت منها اتفاقات عدة ولجنة عسكرية مشتركة تدرس مع حكومتي البلدين الوضع الأمني في البلاد، والخطوات اللازمة في هذا الموضوع.
ثم هناك الاهتمام للفت الأنظار إلى الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، والسعي لتوفير الهدوء التام في الجنوب من الجانب اللبناني على الحدود مع الاحتفاظ بمفهوم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي خصوصاً من خلال ورقة الرد اللبناني على القرار 1559 التي سلمت في نهاية الأسبوع الماضي إلى الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن الذي استعاض عن مجيئه شخصياً إلى بيروت بإيفاد أحد كبار معاونيه لتسلم الرد اللبناني من المسؤولين اللبنانيين، وسلمه بدوره إلى أنان الذي يعمل حالياً على تسجيل كل خطوة حصلت بعد صدور القرار 1559 لتضمينها تقريره تمهيداً لاحالته على مجلس الأمن للنظر فيه.
وتتوقع المصادر نفسها ان يلاحظ المراقبون دوراً أكبر لـ"القوى النظامية" اللبنانية في الجنوب، وهذه التسمية يطلقها أنان على أجهزة الدولة الأمنية الموجودة في المنطقة في تقاريره المتعلقة بالتجديد الدوري لـ"اليونيفيل"، وهي قوة مختلطة من الجيش والأمن الداخلي بهدف التأكيد على عودة سلطة الدولة واستتباب الأمن في المنطقة في ظل عدم حصول هجمات ضد إسرائيل أو ضد الأجانب، وسيادة الاستقرار في لبنان.
وترى المصادر ان لبنان سيترجم عملياً ردّه المكتوب على القرار ولا سيما في موضوع "حزب الله" الذي لا يفتعل المشكلات ولا يعتدي على اسرائيل، ولا يسعى للدخول الى أرضها، فهو فقط حزب مقاومة، والميليشيات في لبنان كانت حلّت في العام 1990 بموجب اتفاق الطائف، ولم يبق الا سلاح المقاومة بموافقة الحكومة اللبنانية، ما يعني ان الحزب ليس ميليشيا، والسلاح الذي بحوزته مخصص لمقاومة الاحتلال في مزارع شبعا والتصدي للخروق الاسرائيلية للسيادة براً وبحراً وجواً، وعمله الفعلي المقاوم ينحصر في هذه المنطقة.
وتلفت المصادر الى ان الوضع الفلسطيني في المخيمات في لبنان سيحظى بمزيد من المراقبة لناحية الانضباط. ويعتبر لبنان في رده حول هذه النقطة ان لا ميليشيا فلسطينية خارج المخيمات، وأن الجيش اللبناني يتحمل مسؤوليته في هذا المجال. أما بالنسبة الى السلاح الموجود مع الفلسطينيين في المخيمات فهو للدفاع عن أنفسهم ضد الاغتيالات والحوادث التي تفتعلها اسرائيل ضدّهم، ولا تتعدى وظيفته هدف الدفاع عن النفس، ولبنان ينتظر تنفيذ القرار 194 وحق عودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية.
ولكي لا يضع انان نقطة سلبية حول تمديد ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود بعد اقل من 24 ساعة على صدور القرار 1559، فإن الرد اللبناني يتضمن تأكيداً لحصول التمديد وفقاً للدستور، ولوجود مؤيدين ومعارضين لهذا التمديد، وأن المعارضين لم يواجهوا أيّة ضغوط سلبية من أحد، وإشارة الى ان التعديل الأخير للدستور الذي اعترض عليه مجلس الأمن، سبقته ثلاث سابقات مماثلة في الأعوام 1990 و1995 و1998 لم تلقَ منه اي اعتراض مماثل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.