أفادت مصادر ديبلوماسية بارزة، ان عدداً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استفسرت لبنان مدى استعداده واستعداد الدول العربية أيضاً لتقبّل الأفكار المتعلقة بالشرق الأوسط الجديد، والإصلاحات المطروحة للبحث على أكثر من صعيد.
وتوقفت المصادر عند ثلاثة معطيات لافتة في هذا الصدد، هي:
أولاً: ان لبنان شكّل مقصداً لتوجيه الدول الأسئلة حول الديموقراطية، مستفيدين، على ما أشاروا إليه، من مناخ الحريات السياسية والإعلامية الموجود فيه أو الذي يتميز به، نسبة إلى غيره من الدول في المنطقة، الأمر الذي سهّل إطلاق الاستفسارات والأسئلة التي بقيت في اطار تبادل الآراء ليس إلا، ولم تدخل في جوهر القضايا، كما ان لبنان يدرك جيداً أصول تبادل الرأي وإسماع الثوابت اللبنانية ازاء ما يطرح، والفصل بين هذه المسألة وموضوع إدخال الدول في خصوصيات السياسة الداخلية اللبنانية والعربية، وهذا ما يتم تلافيه.
ثانياً: ان هذه الاستفسارات تأتي بالتزامن مع التحضيرات العربية لعقد القمة من جديد والمرتقبة في تونس منتصف أيار المقبل، والاهتمام الأوروبي بردّات الفعل ومعرفتها على حقيقتها، ينطلق من محاولة استشراف ما ستكون عليه الورقة العربية في موضوع الأفكار المطروحة حول الشرق الأوسط والتي ستصدر عن القمة، فضلاً عن مدى استعداد العرب لاستيعاب فكرة الإصلاحات مع احترام خصوصية كل بلد. لذلك فإن هناك اهتماماً أميركياً وليس أوروبياً فقط بضرورة انعقاد القمة العربية، وان يصدر عنها موقف حيال هذا الموضوع، لأن قمة "الناتو" أو دول حلف شمال الأطلسي، التي ستنعقد بعد القمة العربية ستنظر في الورقة العربية، من أجل أن يصدر، نتيجة القمتين المذكورتين، نوع من جدول أعمال يتبناه "الناتو". ولفتت المصادر إلى ان اهتمام "الناتو" سيتعدى الدور التقليدي في السياسة والأمن، ويجري الإعداد لتوسيع دوره في المستقبل، وسيضم سبع دول أخرى، ومن غير الواضح بعد ما إذا كان "الناتو" سيعمل لتحقيق دور الأمم المتحدة في الحاجات الدولية المطلوبة منها، أم ان ثمة سعيا إلى إيجاد مفهوم آخر لهذا الدور. كما انه ليس مستبعدا ان تعرض مقررات قمة الدول الصناعية الثماني التي ستنعقد في فلوريدا في حزيران المقبل، والتي ستبحث في أفكار "الناتو"، على مجلس الأمن الدولي لاستصدارها بقرارات عبره، قد تكون أساساً لمشاريع دولية يسعى الجميع إلى تنفيذها، في ظل عملية تعزيز الأمم المتحدة ودورها من جديد.
ثالثاً: صحيح ان هناك اهتماماً أوروبياً وأميركياً بانعقاد القمة العربية من جديد، لكن الاهتمامين متمايزان في جملة نقاط هي:
ـ ان الأوروبيين مهتمون انطلاقاً من انهم يعتبرون أنفسهم في حالة تقارب أصلاً مع المنطقة العربية عبر الحوار والشراكة الموضوعة منذ 1995، ورابط الجيرة التي تمتاز بها هذه العلاقة، في حين ان الاهتمام الأميركي لما سيصدر عن القمة في موضوع الشرق الأوسط يأتي من منطلق ضرورة ان تأخذ القمة في الاعتبار بشكل أساسي الورقة الأميركية المطروحة، مما يعني رغبة بفرض المشاريع على المنطقة لا المشاركة.
ـ ان الخلفية الأوروبية لما يطرح حيال المنطقة لا تنطوي على تحديات في السياسة الداخلية في دول الاتحاد، في حين ان المشروع الأميركي لـ"الشرق الأوسط الكبير" يأخذ أبعاداً في السياسة الداخلية الأميركية حيث الأولوية لأمن إسرائيل، وإزالة الضغوط الأمنية والسياسية عنها. وهذا ما يرضي اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ويحتل جزءاً مهماً من الحملات الانتخابية القائمة، كما تشكّل جزءاً مهماً من الأفكار المعتمدة والموجهة إلى ستة ملايين مسلم في الولايات المتحدة والتي تطلق على سبيل الوعود في هذه الحملات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.