8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لبنان وتطوير الجامعة العربية

كشفت مصادر ديبلوماسية معنية، ان لبنان لم يتخذ بعد قراراً بالنسبة الى صيغة الأفكار التي سيقدمها حول تفعيل العمل العربي المشترك، والتي سيعبّر عنها وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد، خلال الدورة الخاصة لجامعة الدول العربية التي تعقد أعمالها الاثنين والثلاثاء المقبلين في مقر الجامعة في القاهرة.
ذلك ان لبنان، ومن خلال المواقف التي استجمعها من الدول العربية ومما توصلت اليه مشاورات الجامعة، لا يزال يعتبر ان أية دولة لم تكشف بعد أوراقها الحقيقية إزاء نظرتها وما تفضله في موضوع تطوير منظومة العمل العربي المشترك، الذي خصصت هذه الدورة لبحثه. وطالما ان الوضع كذلك، فلا يمكن للبنان إلا ان يعبّر عن موقفه في مداخلة شفوية للوزير عبيد.
وذكرت المصادر أن لبنان أعدّ في وزارة الخارجية المقترحات اللبنانية لتطوير العمل العربي المشترك، والذي يتضمن موقف لبنان من كل المشاريع المعروضة في الأمانة العامة للجامعة، ونظرته المبدئية لهذا الموضوع.
ولكن تؤكد المصادر، ان المشروع الأوفر حظاً ومن نحو ثمانية مشاريع، والذي ستدرسه الدورة الخاصة، هو مشروع الأمين العام للجامعة عمرو موسى الذي يقع في ثمانين صفحة، وقد أرفق معه المشروع السعودي الذي يقع في خمس صفحات ويركز على المبادئ ولا يدخل في التفاصيل. كما ان المشروع السعودي ـ المصري ـ السوري سيحظى بنقاش، وخصوصاً ان القصد من استجماع الدول الثلاث في مشروع واحد، هو ان يحظى بدعم الأقطاب العربية الأكثر تأثيراً إلا ان الدورة الخاصة مخصصة أساساً، وبحسب أصول الدعوة اليها، لبحث مشروع موسى الذي سيحظى، من حيث أسلوب تعميمه على الدول وإرفاقه بالمشروع السعودي، بدعم خليجي عموماً.
وأفادت المصادر، ان لبنان يطالب باعتماد نظام التصويت بالأغلبية في المسائل الإجرائية والتنظيمية والمالية.
وأكدت ان الدورة الخاصة ستتخذ توصيات ترفعها الى القمة التي يرتقب ان تتبناها في إعلان تونس، وستتناول إنشاء البرلمان العربي، ومحكمة العدل العربية. في حين ان إنشاء مجلس الأمن العربي لا يزال غير واضح. ويرتقب ان تحيل القمة الموضوعين على اللجان المختصة في الجامعة لدرسهما وتنفيذهما مع الدول، مما يعني ان القمة ستنتهي الى مقررات محددة في مجال تطوير منظومة العمل العربي المشترك، لكنها قد لا تصل الى حد إنشاء مجلس الأمن العربي، في حين ان المشاريع العربية الأخرى لن تتم مناقشتها في الدورة الخاصة، وستكون مواقف الدول التي تطرحها منصبة على دعم ما هو معروض للنقاش فقط، أو عدم دعمه.
وأكدت المصادر ان الدول العربية تواجه تحديات كبيرة في هذه المرحلة، أولها: توقف عملية السلام وإمعان الحكومة الإسرائيلية الحالية في تدمير كل الآمال التي يمكن ان تعقد للوصول الى حل سلمي في المنطقة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وثانيها: الوضع السائد في العراق داخلياً، والمساعي الدولية والإقليمية لإنهاء الاحتلال وإعادة السيادة الى الشعب العراقي، وانتخاب حكومة شرعية، وذلك ضمن دور محوري وأساسي للأمم المتحدة. وثالثها: تفعيل المبادرة العربية وجعلها على مستوى كل التحديات. ورابعها: هذا الفيض من المبادرات الدولية التي تقدم النصح للشعوب العربية، ولو في غير محله، ببناء الديموقراطية فيها، وفق قياسات لا تتناسب لا مع تاريخ هذه الشعوب ولا مع ثقافتها. مع العلم ان هذه المبادرات ليست للاستهلاك بل هي نتيجة قرار استراتيجي يهدف الى تمييع القضية المركزية في المنطقة، وهي الصراع العربي الإسرائيلي، وجعله في المستوى الثالث من الاهتمامات، ان لم يكن في الرابع أو الخامس، وإلا ما معنى توسيع حدود المنطقة لتشمل دولاً لا تنتمي اليها، في التحديد الكلاسيكي كباكستان وأفغانستان.
اما التحدي الخامس، فهو تفعيل العمل العربي المشترك وفق مشاريع تقدمت بها دول عربية عدة، تضمن بعضها اقتراحات بخلق آليات وهيكليات جديدة تشبه الى حد بعيد هيكلية الاتحاد الأوروبي، وتتجاوزها في بعض النواحي وتتقدم عليها، من دون ان يتم الأخذ في الاعتبار التطوّر التاريخي والواقع العربي والقدرات الذاتية.
هذه هي التحديات، فهل ستنجح الدول العربية في مواجهتها خلال المؤتمرات الوزارية والقمة. سؤال كبير يحتاج الى أجوبة كبيرة. ذلك ان العمل الدولي من خلال المبادرات تحت عناوين الديموقراطية وحقوق الانسان، يهدف الى دعم الفئات المعارضة للأنظمة، ممّا يساهم في تغييرها، لانه يخلق دينامية معارضة داخل كل الدول العربية والأخرى المعنية، وبالتالي يؤدي الأمر الى مقاومة للأصولية الإسلامية، وللأنظمة القائمة، لتنصرف الأوضاع الى اهتمامات على هذا المستوى وتنفيس القضية الأم وهي تحرير الأرض، ومبدأ الأرض مقابل السلام.
اما بالنسبة الى لجنة المتابعة والتحرك، التي تنعقد مساء بعد غدٍ الأحد فستركز على التطوّرات الفلسطينية والموقف من الجدار الفاصل، ووضع الأفكار لإعادة إطلاق المبادرة العربية للسلام، والوضع في العراق، وتطوّرات الوضع في الشرق الأوسط، وإنجاز تقرير اللجنة عن أعمالها ورفعه الى القمة العربية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00