يكثّف لبنان تحضيراته للمشاركة في القمة العربية التي ستنعقد في تونس في 29 و30 آذار المقبل، بعدما حسمت تونس أمس استضافتها لها.
وتترقب بيروت، استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، ان توجه تونس الدعوات الرسمية الى رؤساء وملوك الدول العربية للمشاركة فيها وكذلك لوزراء الخارجية. لكن السؤال هو هل توافرت كافة الشروط التي طلبتها تونس لاستضافة القمة لا سيما ما يتعلق بأن تكون قمة تجسد الاتفاق والتضامن العربيين وتبتعد عن الخلافات والاشكالات؟
تقول المصادر الديبلوماسية، ان عودة تونس الى القبول باستضافة القمة لا ينفي وجود تباين في وجهات النظر العربية حيال العديد من القضايا التي ستشكل جوهر مناقشات القمة. وقد رحب لبنان باستضافة تونس للقمة، ويعتبر انها تعقد أساساً لأن هناك قضايا يجب مناقشتها والا فلا لزوم للقمة، التي يعتمد نجاحها بصورة اساسية على المشاورات والاتصالات وبلورة افكار مشتركة في الفترة التي تسبقها. كما ان لبنان يرى ان المهم هو السعي الى تحقيق الثوابت مع انه لا يوجد نجاح مئة في المئة.
وفي الوقت نفسه، يدرك لبنان واقع التباينات، لذلك يقوم وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد من خلال تحركه العربي والذي يقصد في اطاره مصر يوم الاحد المقبل بمسعى لبلورة افكار مشتركة، وهو قام بمهمة مماثلة في دول الخليج، لتذليل الصعوبات وقد هدفت زياراته العربية والخليجية الى جعل الموقف اللبناني الرافض للتوطين موقفاً عربياً عبر اعادة تفعيل المبادرة العربية، وهذا الأمر اساسي بحيث ان القمة ستكون قمة تجديد العمل بالمبادرة وفق آلية خاصة. وهذا ما يرجح حصوله.
اما الموضوع الثاني الذي ستناقشه القمة فهو مسألة العمل العربي المشترك، حيث ستقدم كل دولة ومن بينها لبنان ملاحظاتها على المشروع المطروح لتعديل ميثاق الجامعة العربية. ولا يزال لبنان في طور اعداد دراسة حوله، لكنه سيتعاطى مع مبدأ التعديل بايجابية وهذا ما عبّر عنه رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري الذي اكد في ان لبنان يؤيد المشروع خصوصاً في ظل الدخول الاميركي على خط المنطقة العربية، حيث تطبخ امور كثيرة ابرزها "الشرق الأوسط الكبير"، والمشروع الأوروبي للعلاقات مع الدول العربية. وتؤكد المصادر، ان موقف الرئيس الحريري يأتي في اطار ردّ الفعل السياسية وليس التقنية على المشروع التي لا تزال قيد الاعداد. وتؤكد ايضا ان موقف الرئيس الحريري يرجّح كفة مناقشة المشروع في القمة، بحيث على الدول ارسال اجوبتها الى الامين العام في اقرب وقت.
وتلفت المصادر، الى ان اجواءً ملبّدة تسود مناقشات هذه المسألة، بسبب كثرة المشاريع المطروحة في اطار اصلاح الجامعة وتعديل ميثاقها، فهناك مشاريع قدمتها: مصر وليبيا، والسعودية وقطر واليمن. وقد افضت المشاورات العربية التي يشارك فيها لبنان الى تحديد دورة خاصة للجامعة، في الاول والثاني من اذار المقبل لبحث موضوع تطوير منظومة العمل العربي المشترك على ان تليها الدورة العادية 121 للجامعة في 3 و4 آذار. لكن لبنان لم يتسلم بعد جدول اعمال الدورة الخاصة ولم يعرف بعد ما اذا كان سيتم نقاش مشروع الامين العام لتعديل الميثاق فقط ام سائر المشاريع الاخرى، المعروضة ايضا، مع الاشارة الى ان الجامعة ستعقد اجتماعاً على مستوى المندوبين الدائمين في 28 و29 شباط الجاري تحضيراً للدورة العادية.
ومن ابرز ما تواجهه المشاريع المطروحة، هو تمويل تنفيذها في ظل ما تعانيه الدول العربية من صعوبات اقتصادية والعديد منها لم يدفع بعد حصته للجامعة. كما ان هناك تضارباً في المواقف من المشاريع بحيث ان الكويت تعارض مشروع موسى، وليس من الواضح ما اذا الافكار الاساسية في كل المشاريع ستدمج في مشروع واحد، ام ان التأجيل مجدداً بحجة ضيق الوقت، سيكون مآل المسألة مما يترك هذا الموضوع خارج اعمال القمة.
وبطبيعة الحال، فان الاوضاع الاقليمية تلقي بظلالها ايضاً: من احتلال العراق، والتعنّت الاسرائيلي، والوضع في فلسطين، فضلاً عن اجواء العلاقات السورية ـ الاميركية، واجواء مباحثات الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مع الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم.
كما ان هناك موضوعاً ثالثاً سيحتل أولوية في القمة وهو التوصّل الى موقف عربي موحّد من الوضع العراقي. وهذا ما يتمّ العمل عليه في المشاورات الجارية، من اجل ان يحقّق سقفاً معقولاً يطالب بانهاء الاحتلال، وتسليم السلطة الى العراقيين.
* وترأس عبيد امس اجتماعاً للسفراء في الادارة المركزية في حضور الامين العام للخارجية السفير محمد عيسى نوقشت خلاله التحضيرات اللبنانية والتصورات لما سيطرح من مواضيع على الدورتين الخاصة والعادية للجامعة واجتماع لجنة المتابعة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.