8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أوروبا والسلام الشرق أوسطي: المبادرة في عهدة واشنطن

يجري المنسق الأوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط مارك أوتي محادثات في بيروت الاثنين المقبل، بعدما يكون قد زار دمشق في اطار جولة له في المنطقة تشمل البلدين فقط.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة في بيروت، ان أوتي لا يجيء بمبادرة أوروبية خاصة لحل المشكلات العالقة في المنطقة أمنياً وسياسياً، بل للاستماع الى الموقف اللبناني من التطورات في الشرق الأوسط وموضوع العراق، في مسعى للحفاظ على الدور الأوروبي في المنطقة، بمزيد من البحث في المواضيع المطروحة على الساحة، وتبادل الرأي حيالها.
وعلى الرغم من الاهتمام الأوروبي بمشكلات المنطقة، وموقفه الأكثر تفهماً لها نسبة الى الموقف الأميركي الداعم لاسرائيل، تطرح المصادر أكثر من علامة استفهام حول وضع الدور الأوروبي اصلاً ومستقبله، بعد تسجيل الكثير من إشارات التراجع او الانطواء، ليس فقط بعد تعذر مسيرة "خارطة الطريق" بل قبل ذلك على أيام سلفه ميغيل أنخل موراثينوس الذي تحولت جولاته الشرق أوسطية زيارات روتينية ولتأدية الواجب نسبة الى المنجزات المتواضعة التي احرزتها في الحفاظ على وجود الدور الأوروبي حياً ليس أكثر. وقد ازداد هذا التراجع في المدة الأخيرة بفعل مقتضيات السياسة الأميركية في المنطقة، وافتقاد الرغبة الأوروبية في مناهضة هذه السياسة بل وبتوفير الظروف الملائمة والعوامل المساعدة في تكامل الحل، وهذا ما انعكس جلياً على جولات أوتي في المنطقة التي ظلت قليلة، اذ هذه هي المرة الثانية يزور كلا من بيروت ودمشق، وكانت المرة الأولى آخر تموز الماضي بعد نحو شهر على تسلمه مهمته.
ولعل السبب الواقعي وراء محدودية دور الاتحاد الأوروبي في المنطقة، هو ارتباط هذا الدور بالمجموعة الرباعية الدولية. فالاتحاد الذي بات يظهر من خلالها، نظر الى عضويته فيها والى مستلزمات قرارات التوافق التي تتخذها لا يمكنه التفرد في مواقفه، لذا وان كانت لديه رغبة ضمنية في ضرورة تزامن الحل الأمني مع الحل السياسي في الشرق الأوسط، وبوجوب اتباع الشمولية وعلى مسارات التفاوض كلها، لا التجزئة، وعلى سبيل الأولويات، يقيّد التزامُه المجموعة الرباعية استقلاليةَ تحركه وهو قبل إنشاء المجموعة لم يكن ليقف في وجه التحرك الأميركي على الاطلاق.
والان ايضاً، فإن النظرة الأميركية السائدة حول ضرورة تنفيذ الشق الأمني في خارطة الطريق قبل كل شيء، ووقف "أعمال العنف" من الجانب الفلسطيني والتخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قبل أي اجتماع تعقده المجموعة الرباعية، أو أي تحريك للحوار حول امكان عقد مؤتمر دولي ينتج منه قرار بعودة التفاوض على المسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل، كل ذلك لم يستطع الاتحاد الأوروبي ان يوجد بديلاً له أو ما يدفع لاستئناف الحوار السياسي في هذه الفترة الضائعة. لذا وان رغب الأوروبيون في انعقادها، فهي لن تعقد ما لم تقرر الولايات المتحدة ذلك، وعندما تتم الاستجابة لمطالبها تجتمع الرباعية وتدفع عملية التسوية أكثر الى الامام.
حتى ان الدول الأوروبية التي تسعى باستمرار لدور مميز وأكثر فاعلية في المنطقة، مثل فرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا، لا ترى من واشنطن ما يؤشر الى اطلاق دورها.
ولكن على الرغم من ذلك، فلبنان سيطلع اوتي على تحركه الرافض توطين اللاجئين الفلسطينيين على أرضه وعلى شمول الاتحاد الأوروبي تحركه المباشر في الربيع المقبل. بعد انجاز التحرك العربي. كذلك ليس من معوقات امام مباحثات اوتي المتعلقة بالشراكة الأوروبية المتوسطية وانعقاد مؤتمر لوزراء خارجيتها في ايرلندا آخر أيار المقبل، فضلاً عن تقدم خطوات الشراكة اللبنانية ـ الأوروبية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00