8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

دمشق تنجح في إبعاد كرة نزع الأسلحة عن ملعبها

بات موضوع نزع أسلحة الدمار الشامل بالشكل الذي تطرحه الولايات المتحدة الأميركية، يشغل حيزاً مهماً من الاتصالات العربية ـ العربية على مختلف المستويات، لدرس أبعاده وخلفياته.
إذ تؤكد مصادر ديبلوماسية عربية بارزة ان سوريا نجحت في القيام بمبادرة لحفظ الموقف العربي، وبمجرد طرحها لمشروع قرار على مجلس الأمن الدولي نهاية السنة الفائتة، تكون قد أدّت واجباتها تجاه نفسها كدولة وتجاه العالم العربي في آن، ولو لم تكن لتتاح الفرصة لعرضه على التصويت.
إذاً، واستناداً الى المصادر، موقف سوريا سليم، خصوصاً انه جاء بعد العرض الليبي في هذا الشأن، وحققت سوريا من جراء خطوتها هذه أمرين:
الأول: إعادة ملف نزع الأسلحة الى إطار الحل الشامل في المنطقة، من أجل إعادة التأكيد للإلتزام العربي الكامل بمعاهدة منع انتشار الأسلحة، وضرورة ان يلتزم بها كل الأفرقاء في المنطقة بمن فيهم إسرائيل، وهذا ما يشكّل مطالبة عربية دائمة. لذا يكتسب النجاح السوري في التعاطي مع المسألة بُعدَ الشمولية تماماً، كالتعاطي المستمر مع أي طرح بالنسبة الى السلام في المنطقة، بحيث ان أي مطالبات تعرض على دمشق، لاسيما إذا ما كان فيها ما يمثل حلولاً مجتزأة، تردها دائماً الى أساس المشكلة وضرورات الحل الشامل والعادل لكي يكون دائماً، وهذا ما يتميز به الموقف السوري وكذلك اللبناني حيال التطوّرات كافة. في حين ان واشنطن، التي لم يرق لها هذا المشروع، ترغب في ان يكون مادة للتعاطي الثنائي المباشر مع الدول التي تحددها هي وليس ان يكون نصاً معروضاً على المجلس قبل ان يستوفي شروط مصالحها السياسية وأولويات استراتيجيتها الخارجية.
أما الأمر الثاني: فهو معرفة واستشراف آفاق الموقف الأميركي في معالجة موضوع أسلحة الدمار الشامل، وما إذا كانت واشنطن سترفض ذلك أم سترحب به. إلا ان الولايات المتحدة لم تعطِ انطباعاً بأنها أحرجت في الطرح الشمولي لهذه القضية، وتلافت الاحراج عبر تأجيل البحث في المشروع. وعلى العكس من ذلك، فإن الولايات المتحدة تطالب سوريا بإزالة أسلحة الدمار الشامل بغض النظر عن وجود قرار أم لا.
ولا تزال إسرائيل تشكل في ذلك استثناء، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى عملية السلام وما هو مطلوب منها في المقابل للسير في الخطوات السلمية مع مختلف الأطراف وعلى المسارات الفلسطيني والسوري واللبناني.
وتتذرع إسرائيل في كل مرة بالخطر الذي يلفها، وإذا ما زال تنظر في نزع الأسلحة أو في تطبيق اتفاقات السلام لاسيما "خارطة الطريق" التي لا تزال تتعثر.
وتشير المصادر الى ان موقف الولايات المتحدة لا يزال يراوح بين النقاط الآتية:
ـ عدم وجود ضغط كافٍ على رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون للقيام بما يجب ان يقوم به حيال السلام أو حيال أسلحة الدمار الشامل، وأي ضغوط مورست لم تصل الى حد ان تكون كافية في عناصرها لترغم إسرائيل على تنفيذ واجباتها.
ـ ان الموقف الأميركي من أي مبادرة عربية لا يصل الى حد الإنعكاسات الايجابية الكبيرة على القضايا العربية، إلا إذا وجدت واشنطن نفسها في مأزق إزاء مسألة محاربة الإرهاب الدولي، أو الانتخابات الرئاسية الأميركية، أو الوضع العراقي، أو مصالحها الاستراتيجية عالمياً، لكن إذا ما وجدت ان أهدافها تسير من دون عراقيل، فإنها لا تبدو متحمسة لإعطاء المبادرات من أي نوع كانت بعداً وحجماً كبيرين لديها.
لذلك، ومع تطوّر القضايا المطروحة، لا تزال سوريا في دائرة الشمولية في الحل، فيما الولايات المتحدة تتجه أكثر وأكثر نحو الحلول عبر التعاطي الثنائي اثر الضغوط التي تصب في المصلحة الاستراتيجية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00