يعتبر الأسبوع الحالي، المحطة الأخيرة من الدورة العادية الـ58 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيتم التصويت على القرارات التي اتخذتها اللجان الست المنبثقة عن الجمعية، والتي انعقدت تباعاً بعد جلسة الافتتاح الرسمية للدورة التي بدأت أعمالها في الثامن عشر من أيلول الماضي في نيويورك، وشارك لبنان فيها.
كيف كانت حصيلة الأجواء التي سادت مناقشات اللجان التي تعتبر "المطبخ الحقيقي للقرارات" داخل المنظمة الدولية، وما هي المواقف التي تخللتها في ما يتعلق بقضية الشرق الأوسط، وفلسطين والعراق؟
تؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة شاركت في أعمال اللجان ونقاشاتها ان الأجواء هذه السنة أظهرت بوضوح وجود رغبة أميركية بالهيمنة على قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً تلك المتعلقة بأزمة الشرق الأوسط، وسائر المواضيع المتفرعة منها. إذ لم يترك مندوبو الولايات المتحدة مناسبة خلال هذه الدورة إلا جاهروا أكثر من أي وقت مضى بتأييدهم اللامحدود لإسرائيل، ومعارضتهم اللامحدودة للسياسة العربية في الأمم المتحدة.
ففي ما يتعلق بالقرار حول الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية، وعلى الرغم من ان موقف الولايات المتحدة كان في البداية مناهضاً لبناء هذا الجدار، فقد صوتت أميركا في مجلس الأمن ضد الطلب من إسرائيل وقف بنائه، مما اضطر الفريق العربي، وخصوصاً الفلسطيني إلى طرح الموضوع على الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث صوّتت واشنطن إلى جانب إسرائيل.
وتقول المصادر ان المثل الأكبر وضوحاً أيضاً هو وقوف الولايات المتحدة ضد الشكوى السورية التي قدمت إلى مجلس الأمن الدولي، عندما أغارت الطائرات الإسرائيلية على ضاحية من ضواحي دمشق، فألقت اللوم على سوريا بالنسبة إلى الضربة الإسرائيلية، ولجأت إلى تمييع الشكوى السورية.
أما في شأن العراق، فإن المبدأ كان ولا يزال داخل الأمم المتحدة، ان القرارات تصدر لتخدم مصالح الولايات المتحدة، أو انها لا تصدر مطلقاً.
وفي شأن اللاجئين الفلسطينيين، فقد حاولت الولايات المتحدة ان تختصر القرارات السبعة المتعلقة بـ"الاونروا"، وأن تمحو منها كل إشارة إلى القرار 194 القاضي بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، الأمر الذي أنتج معارك ديبلوماسية حقيقية، بحسب المصادر، أدت إلى تطبيق مبدأ "لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم".
من هنا، تلفت المصادر إلى ان الولايات المتحدة لا تريد ان تبقي أزمة الشرق الأوسط ورقة في يد العرب في الأمم المتحدة، لذلك تأبى أن تطرح هذه القضية على أجهزة الأمم المتحدة، وإذا ما طرحت فإنها لا تتوانى عن استعمال حق الفيتو، ولو بصورة متكررة. والموقف الأميركي المتعلق بالشرق الأوسط ينسحب على دور الأمم المتحدة ككل. فأميركا وبعد حرب الخليج عملت على شلّ دور المنظمة وطرحت وجودها ومبادئها على الدول للبحث، لكن ثمة صعوبة في تغيير دور الأمم المتحدة أو إنشاء منظمة دولية جديدة، إذ ان الأوروبيين والروس والصينيين لن يقبلوا بتصوّر الولايات المتحدة الجديد لأمم متحدة جديدة. لكل ذلك شلت الأمم المتحدة ولا تستطيع هذه المنظمة العمل إلا "بالتوافق"..
وتثبيتاً لمنحى العمل بالتوافق، صدر القرار 1515 الذي صوّتت أميركا معه، الأمر الذي فاجأ الجميع. لكن المفاجأة قد لا تكون في محلها، لأن هذا القرار الذي أصدر "خارطة الطريق" أكد على مشروع أميركي أساساً. وأهمية القرار، الذي لم يأتِ بجديد، هو تكريسه لـ"خارطة الطريق" كقرار متضامن صادر عن مجلس الأمن، مما أضفى عليه الإرادة والشرعية الدوليتين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.