يستهل لبنان تحركه العربي من أجل رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين على أرضه، بزيارة يقوم بها وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد الى مصر الاثنين المقبل، وتستمر ليومين، يلتقي خلالها الرئيس المصري حسني مبارك، ووزير الخارجية أحمد ماهر، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي كان التقاه عصر أمس في قصر بسترس.
وتشدّد مصادر ديبلوماسية معنية، على هدفين تتركز عليهما الأفكار التي سيحملها عبيد الى مصر، والتي ستستتبعها جولة خليجية له، تبدأ منتصف الشهر الجاري بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الهدف الأول "إحياء المبادرة العربية للسلام وإحياءالعمل لتنفيذها، بحيث يأتي من خلالها رفض التوطين، وإنطلاقاً من هذا الهدف سيتم تقويم مساعي السلام في الشرق الأوسط، والعمل على المقارنة، بين المبادرة العربية التي هي الأشمل، والتي تتسم بالتوازن في الحل للنزاع العربي الإسرائيلي، و"خارطة الطريق" المتعثرة التنفيذ وغير الشاملة، فضلاً عن المقارنة بالنسبة الى وثيقة جنيف التي لم تحظ أصلاً بدعم أميركي ولا إسرائيلي رسمي".
أما الهدف الثاني فهو "محاربة لبنان للتوطين، والعمل على منعه والسعي الى إعادة إحياء حق العودة والقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة". وسيضع عبيد المسؤولين المصريين في صورة التحرك اللبناني استناداً الى قرار مجلس الوزراء، وضرورة حصول تنسيق للمواقف بين لبنان ومصر حول هذه النقطة وطريقة التحرك لمواجهة ذلك، والتشاور في ما يمكن للمجموعة العربية ان تقوم به عملياً لدعم الموقف اللبناني، والوقوف على رأي مصر إزاء هذه المسألة، مع العلم ان خطة التحرك اللبنانية تشمل تحركاً لمجموعات عربية في اتجاه العالم.
إلا أن مصادر ديبلوماسية بارزة تقول "ان لبنان لا يتوقع ان يجد صعوبات في إقناع مصر والدول العربية الاخرى كافة، بالهدف الثاني أي رفض التوطين. ذلك ان كل الدول العربية متفقة على هذا المبدأ، والمبادرة العربية للسلام التي حازت إجماعا عربيا تؤكد ذلك. وبالنسبة الى الهدف الأول، أي إحياء المبادرة، يتوقع لبنان وجود سهولة أكثر لأنه يعتقد ان العرب مبدئياً ملتزمون المبادرة العربية. لكن وجود اتفاقات اخرى حازت عدم معارضة عربية في حالات ما، وموافقة في حالات اخرى، كـ"خارطة الطريق"، أو "وثيقة جنيف"، وجاءت كلها زمنياً بعد إعلان المبادرة، يجعل لبنان مهتماً بالحصول على توضيح من الدول العربية التي سيتجه اليها عبيد، حول موقع المبادرة لديها، وكيفية توفيقها ما بين المبادرة، وخطط السلام التي تبعتها". مع الإشارة الى ان لبنان يخالف في نظرته العديد من الدول العربية حول ان الخطط الاخرى، تكمل المبادرة العربية للسلام، ويعتبر انها لا تكملها بل تناقضها. لذلك، فإن معرفة لبنان لمدى التمسك العربي بالمبادرة العربية كحل أمر بالغ الأهمية.
وعلى الرغم من ان التحرك اللبناني في اتجاه واشنطن لم يطرح عملياً بعد، فإن عنصر الإقناع برفض التوطين إزاء الدولة العظمى سيكون الأكثر بروزاً، ويتطلب جهوداً لبنانية واستعدادات قصوى. لكن هذا العنصر بالنسبة الى التحرك تجاه العرب لن يتطلب من لبنان هذه الجهود، نظراً الى تفهم عمق المسألة، والنظرة المشتركة المتعلقة بضرورة ان تكون الدولة الفلسطينية العتيدة الملاذ النهائي للاجئين الفلسطينيين.
اما بالنسبة الى التحرك اللبناني في اتجاه أوروبا، فإن المصادر وجدت من خلال شرح عبيد للموقف اللبناني أثناء مؤتمر نابولي للشراكة الأوروبية ـ المتوسطية، ومن خلال اللقاءات الجانبية التي عقدها، ومقررات المؤتمر "ان هناك فارقاً بين الجو الأوروبي حول مسألة اللاجئين، والجو الأميركي الذي يعرفه الجميع. وظهر الأمر جلياً في الاهتمام الأوروبي بالمبادرة العربية للسلام، وبتكريس المؤتمر في مقرراته فقرة كاملة تناولت "أهمية مبادرة السلام العربية".
ولكن، لاحظت المصادر، ان أوروبا لم تعلن رفضاً للتوطين، أو تشجيعاً للبنان للعمل لرفضه، إلا انها اعتبرت ان تأكيدها على أهمية المبادرة هو مؤشر ايجابي في حد ذاته.
كما انه نتيجة للاتصالات واللقاءات أثناء مؤتمر نابولي يتبين ان هناك موقفاً أوروبياً لافتاً من خلال ما يأتي:
ـ ان التوقيع على وثيقة جنيف، والبحث في تطبيق "خارطة الطريق"، لم يلغِ المبادرة العربية للسلام، لا بل تم التأكيد على أهميتها.
ـ وجود اهتمام جدي أوروبي بالمسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل، وسبل إعادة إحيائهما. وكان لتصريح الرئيس السوري بشار الأسد الأخير، ولمداخلات الوزير عبيد في المؤتمر حول أهمية إحياء المسارين، إنعكاساتهما على الموقف الأوروبي، بحيث تضمنت مقررات المؤتمر "ضرورة ايجاد حل شامل"، وان "يشمل هذا الحل سوريا ولبنان"، و"على أساس مبادئ مؤتمر مدريد للسلام"، اي ليس على أساس "خارطة الطريق" أو "وثيقة جنيف"، وهذا مهم جداً.
ـ اعتبار مؤتمر نابولي أن الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية "يحول دون حل قائم على بناء الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وثمة قلق حيال ذلك". وهذا موقف ايجابي.
ـ تعديل وجوب عدم معاداة السامية بإضافة فقرة وجوب عدم معاداة الإسلام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.