تتابع الأوساط الديبلوماسية والسياسية في لبنان تطورات الوضع العراقي وآفاقه، بعد استهداف الأمم المتحدة ودورها هناك، بمقتل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بغداد سيرجيو دي ميللو، في التفجير الذي طاول مقر المنظمة الدولية.
وإلى الموقف الرسمي اللبناني، أمكن تعيين قراءة هذا الحدث، الديبلوماسية في بيروت الذي اعتبر قضية كبيرة، وموضوعاً بالغ الخطورة. اذ تؤكد المصادر الديبلوماسية البارزة، ان ما حصل يطرح سؤالين، أولهما: هل يؤدي الحادث الى تقليص دور المنظمة الدولية في العراق، وتراجعه، أم الى تعزيزه. فمن حيث المواقف التي يبديها مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، ثمة رغبة قوية في تعزيز الدور، إلا أنه على الأرض ومن الناحية العملية، هناك قوى تعمل لترحيل الأمم المتحدة عن العراق. لذلك يبدو، أن الاتصالات الدولية تركز الآن، على ضرورة أن تثبت الأمم المتحدة موقفها وموقعها في العراق، ويفترض أن يتبلور هذا الأمر، اذا حزمت المنظمة الدولية أمرها وعُقد مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة وقرر إرسال قوات دولية الى العراق لحفظ الأمن والاستقرار والسلم.
أما اذا لم تحزم المنظمة أمرها، يعني ذلك أنها ستعيد النظر في موقعها وان تراجعاً في الموقف لن يكون بعيداً من الحسبان.
وحتى الآن لا يزال الجواب غامضا في انتظار مزيد من الاتصالات، وخصوصاً ان مستشار دي ميللو الوزير السابق غسان سلامة، لا يزال منهمكاً بإزالة الركام ولملمة القتلى، والاهتمام بوقع الفاجعة التي ألمت بمقر الأمم المتحدة في العراق. أما السؤال الثاني الذي يطرحه الحادث، فيتعلق بمستقبل الموقف الأميركي في العراق. ذلك ان الضربة الموجهة الى الأمم المتحدة، يفترض أن لا تقف انعكاساتها عند حدود المنظمة الدولية، فهي استهدفت أيضاً الوجود الأميركي في العراق، وجعلته في موقع المتنبه بحذر شديد لأية ظروف أمنية طارئة قد تستهدفه على هذا المستوى.
لذا، تتساءل المصادر، هل يؤدي حصول مجموعة ضربات مماثلة الى انسحاب أميركي من العراق، أم الى دور أميركي أكثر ثباتاً حتى الشراسة؟
وتقول المصادر، إن أفق الدور الأميركي الجديد مرتبط بعاملين أساسيين:
ـ أولاً: المصلحة الأميركية ومقتضياتها، فإن هي اقتضت استمرار الوجود، فستتحمل القوات الأميركية هناك كل انواع المشقات والتهديدات لحفظ مواقعها ودورها بعد الحرب التي خاضتها، وهي لن تتخلى بسهولة عما أحرزته حتى الآن، من جرائها. أما اذا لم تقتض المصلحة ذلك ووصلت الأمور أمنياً الى ذروتها، فإنها تعيد النظر في وضعها.
ـ ثانياً، ان الأمر يتعلق أيضاً بمدى قبول الرأي العام الأميركي واستيعابه للخسائر البشرية التي تنجم عن عمليات التفجير التي تستهدف القوات الأميركية في العراق. لأن تحرك الرأي العام الأميركي حيال تطورات أكثر عنفاً في العراق، وبما يؤثر في المعادلات الداخلية والحسابات الانتخابية، فإن ذلك سيلزم الادارة الأميركية إعادة تقويم الموقف لتخفيف ضغط الرفض لدى الرأي العام.
على أن الرئيس الأميركي جورج بوش أكد ان بلاده لن يخيفها شيء، وأن هذا العمل لن يعطل الجهود لإعادة الاعمار في العراق. لكن التطورات على الأرض هي التي ستحدد الموقف عملياً.
بيْد أن مصادر ديبلوماسية مطلعة، تؤكد أن وراء تفجير مقر المنظمة الدولية خطة كبيرة لشرذمة العراق وتعميم الفوضى فيه من أجل تقسيمه. وهذا ترفضه الدول العربية والجامعة العربية، التي تطالب الان كما في السابق بتعميق دور الأمم المتحدة في العراق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.