السؤال الذي تطرحه الأوساط الديبلوماسية، هو الى أي مدى تتمسك الولايات المتحدة بـ"خارطة الطريق"، وستضغط لتطبيقها في ظل الصعوبات التي تواجه ذلك؟ وأين موقع الحديث عن تفعيل المسارين اللبناني والسوري وربطهما بـ"الخارطة"؟.
تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة في بيروت، ان الرئيس الأميركي جورج بوش يتعاطى مع "خارطة الطريق"، بقوة الدفع لتحقيقها على الأرض. ويعتبر أن تطبيقها مسألة تطال وزنه السياسي واعتباره وسمعته السياسية في الداخل الأميركي وعلى صعيد موقعه الخارجي، وموقع بلاده الدولة العظمى.. لذا فهو لن يتخلى عن تنفيذ "الخارطة"، التي انبثقت في الحقيقة، عن رؤيته التي أطلقها في 24 حزيران 2002، وجاءت "المجموعة الرباعية" لتكون الاطار الصالح لاخراجها.
ومن الواضح لدى بوش، استناداً الى المصادر ان تطبيق "الخارطة" سيواجه عراقيل على غرار ما يحصل بين الوقت والآخر بين الفلسطينيين واسرائيل، وهو مدرك تماماً للأمر. لكنه اتخذ قراره بالنسبة الى الضغط على الطرفين للسير بـ"الخارطة"، وهذا الضغط المستمر سيجعل من دور واشنطن دور المهدئ والممهد لانطلاقة التطبيق. وتعتبر واشنطن انه اذا ما نجحت انطلاقة "الخارطة" وبدأ تنفيذها بخطى ثابتة، عند ذلك ستسير بزخم في تطبيق البنود المنصوص عليها فيها، ووفقاً لكل المراحل من دون صعوبات. هذا ما تعوّل عليه الولايات المتحدة، مع اعتبارها الى أن أسباب قيامها بعامل التهدئة لانطلاق الخريطة تضاف اليها، وجود التواريخ والاستحقاقات التي يجب احترامها.
وتقول المصادر، ان حزم بوش في تطبيق الخريطة، يتزامن مع مساعيه لتوفير الاستقرار السياسي والأمني في العراق، لأنه يعتبر أن أي فشل في العراق سينعكس حتماً في كل مكان، لا سيما بين الفلسطينيين واسرائيل.
أما بالنسبة الى اطلاق المسارين اللبناني والسوري وطريقة اطلاقهما، على الرغم من الاختراقات، وأوفرها حظاً تفصيلهما بورقة مستقلة ملحقة بالخريطة، فإن المصادر، تشير الى استمرار تركيز بوش على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي وليس على أي مسار آخر، وبالتالي فإن اللعبة حالياً هي أميركية وليست أوروبية أو روسية أو في اطار الأمم المتحدة. وبالتالي فإن الدور حالياً معطى للفلسطينيين والاسرائيليين في هذه الفترة التي عنوانها الهدنة. مع العلم أن الفلسطينيين يعتبرونها تعليقاً للعمليات، والعرب وقفاً للنار. لكن الفلسطينيين ساروا في الهدنة لإعطاء فرصة اضافية أمام الحوار السياسي، لكن كيفية العودة الى ورقة الانتفاضة وتوقيت ذلك لا بد أن فرصه تتضاءل مع التزام اسرائيل السير بالخريطة.
لذلك جاءت الهدنة كحل وسط بين نزع السلاح الفوري وتعليق العمليات، الأمر الذي تعتبره واشنطن انه يخلق دينامية لإكمال تحقيق الخريطة لكن ذلك سيعيد أمام العرب طرح الأولويات ما بين الأمن والسياسة، وهذا تدركه واشنطن. فالهدنة هي لتمرير الأمن قبل السياسة، أو لإطلاق الحوار السياسي الذي يحل مشكلة الأمن. فالأفرقاء العرب المهتمون يرغبون بأن تكون الهدنة تمهيداً للحوار السياسي، أما اسرائيل فتتوسلها لمزيد من الاتفاقات الأمنية والاجراءات الخاصة بهذه الناحية. أما الاتحاد الأوروبي فيقف مع مبدأ تزامن السياسي مع الأمني.
وتلفت الأوساط الديبلوماسية الى أنه مع عدم بروز قرار أميركي واضح في شأن المسارين اللبناني والسوري، تبرز أهمية النوايا في الاستفادة من الهدنة. فالعرب يوافقون على استثمارها من أجل ان تقوم اسرائيل بواجباتها السياسة، لكنهم يرفضون ان تستغل لأغراض أمنية أو للتمادي في تجزئة الحل، كما ان العرب الذي أيدوا الهدنة التي تحكم الآن الوضع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، بعد موافقة الفلسطينيين كان ذلك بهدف اعطاء الحوار السياسي مزيداً من الفرص وليس فقط الحوار الأمني، الا ان الخطاب السياسي الفلسطيني لم ولن يتخلى عن الانتفاضة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.