تتوقف مصادر ديبلوماسية بارزة، عند تجدد الحملة الأميركية على سوريا، ومصادفتها الجولة التي سيبدأها وزير الخارجية الأميركي كولن باول في عدد من دول المنطقة، ومنها سوريا. فيما لم يتبلغ لبنان أية معلومات حتى الآن تؤكد ان جولة باول ستشمله.
وتقول المصادر، إن الأسباب وراء تجدد الحملة الأميركية هذه، متعلقة كلها بالملف العراقي وليس بأي ملف آخر، ذلك انه كلما واجه الأميركيون إخفاقا في تحقيق الاستقرار الداخلي في العراق، سعوا الى التفتيش عن عذر لذلك، يمكن ألا يكون عذراً حقيقياً وواقعياً، بل عذرا يحلو لهم هُم ان يعتقدوا انه واقعي. في حين كان على الولايات المتحدة ان تستوعب العراقيين بطريقة أفضل، مدنيين، وعسكريين كانوا يعملون في الجيش العراقي قبل الحرب امتصاصا لنقمتهم.
ففي كل الحالات المشابهة في العالم عمدت السلطة المسيطرة الى خلق جيش جديد أحد مقوماته استيعاب من كان في هذا السلك سابقاً، لا تسريحهم وتركهم بلا رواتب، فيما الفوضى الأمنية عارمة والمدنيون يتذمرون منها.
لذا، ترى هذه المصادر ان إلقاء السلطة المحتلة، التبعة على غيرها في مسألة العراق، أمرٌ يفاجئ المجتمع الدولي وكذلك الدول العربية، وخصوصاً ان العذر الأميركي يطلق في اتجاه سوريا وايران، وهما البلدان اللذان أعلنا غير مرة عدم تدخلهما في الوضع الداخلي في العراق.
وفي هذا الإطار، تؤكد المصادر، انه إذا زار باول سوريا فعلاً، في جولته الجديدة، فهو بذلك يطلب من المتشددين في الإدارة الأميركية إعطاء فرصة اخرى للحديث مع سوريا ـ وهذا هو الاتجاه الغالب ـ إلا في حالة وحيدة هي ان يكون الأميركيون قد تعمدوا إقناع أنفسهم بأن العمليات في العراق تُعزى الى سوريا.
ولا تحمل زيارة باول الى سوريا رسالة الى المتشددين فقط، بل مؤكد انها تحمل استكمالاً للحوار الأميركي ـ السوري حول أبرز المواضيع الاستراتيجية لدى الإدارة الأميركية في المنطقة، أي الموضوع العراقي، الذي لم تنتهِ منه بعد، ولما يزلْ أمامها الكثير للخروج من عقباته. لذلك، تفسر المصادر، الحملة الأميركية المستجدة على سوريا من زاوية الموضوع العراقي، وليس من زاوية عملية السلام في الشرق الأوسط، ولا من زاوية ما هو متصل فيها من مسائل "حزب الله" و"خارطة الطريق"، لأن سوريا لم تعمل لوضع عراقيل في وجه تطبيق "الخارطة"، لا بل انها لا تمانع ما يؤيده الفلسطينيون على مسارهم، وهي تطالب بـ"خارطة" للمسارين اللبناني والسوري مع اسرائيل، وليست رافضة لخطة السلام لا بل انها تطالب به.
اما لماذا تعود الإدارة الأميركية الى سوريا وايران في كل مرة تجد نفسها في مأزِق ما، فلأنه، استناداً الى المصادر، لا يزال هناك تضارب بين نظريتين تتنافسان داخل إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، إزاء مسألة العراق، الأولى: تقول بالإنتهاء أولاً من الملف العراقي، ثم معالجة باقي الملفات في المنطقة، أي ما يستتبعها من معالجة لسياسات بعض الدول. والثانية: تقول بوجوب معالجة سياسات الدول الاخرى من اجل إنهاء موضوع العراق. وعندما تزداد العمليات داخل العراق، تزداد الأصوات المطالبة بتحقيق هذه النظرية.
وأشارت المصادر، الى ان العراق لا يزال بنداً بارزاً في الاستراتيجية الأميركية، فضلاً عن بندي النفط ومعالجة الارهاب، في حين ان الوضع الداخلي اللبناني ـ السوري ليس استراتيجياً لدى الإدارة الأميركية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.