8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التلازم بين "خارطة الطريق" وبين المطالب الأميركية في لبنان وسوريا

أثار تعاظم التوقعات حيال صعوبة وصول "خارطة الطريق" إلى أيّ من أهدافها المعلنة، إشكالية تتصل بجدوى المطالب التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأميركية الى كل من لبنان وسوريا، في المرحلة التمهيدية لإعلان الرئيس جورج بوش رؤيته لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي من البوابة الإسرائيلية ـ الفلسطينية.
ولا يشكل تطبيق "خريطة الطريق" الحل بالنسبة الى النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي فحسب، بل إن هذا التطبيق له مؤثراته الحقيقية على العلاقات الأميركية مع كل من لبنان وسوريا في اتجاه محاور النقاش التي كان قد أطلقها وزير الخارجية الأميركي كولن باول في البلدين قبل شهر ونيف. وهذه المحاور اتفق على متابعة الحوار في شأنها وهي، كما بات معلوماً، تتعلق بالوضع بين كل من لبنان وسوريا من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى فضلاً عن العلاقات اللبنانية ـ السورية.
وتقول مصادر ديبلوماسية بارزة، إنه إذا ما عملت إسرائيل على عرقلة تنفيذ "خريطة الطريق"، فإن ذلك سيؤدي الى تأجيل استكمال الحوار الأميركي ـ السوري ـ اللبناني حول المحاور المطروحة، الى وقت أكثر ملاءمة، فما حمله باول الى البلدين أفكار أميركية لكن فحواها إسرائيلي، فإن لم تلتزم إسرائيل بـ"الخارطة"، فكيف له أن يقول للبنانيين وللسوريين بضرورة استكمال بحث ما بدأ لإزالة بعض المسائل العالقة. أما إذا طبق رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون "الخارطة" بجدية، فإن البلدين يتوقعان أن تدفع الإدارة الأميركية بزخم كبير الحوار الثلاثي الذي تتحدث عنه البلدان الثلاثة للتفاهم على جملة مسائل.
فإن لم تسر إسرائيل في "الخارطة" يعتبر البلدان، بحسب المصادر، أنه لا يمكن للدولة العظمى أن تقول للبلدين بضرورة أن يفيا بأي طرح، ولهذا السبب يصر لبنان وسوريا على "خارطة طريق" لمساريهما مع إسرائيل، بهدف التثبيت أن كل الأفكار المطروحة تتم في إطار خطة شاملة تؤدي الى نهاية واضحة، وليس خارج خطة، إذ لا قيمة لأي خطوة في مثل هذا التوجه.
من هنا، إذا كانت غاية "خارطة الطريق" على المسار الفلسطيني الإسرائيلي في النهاية تحقيق الدولة الفلسطينية بحدودها وعاصمتها، فإن البلدين يرغبان في أن يتم تحديد الغاية من النقاش معهما. فإذا لم يتم تحقيق وعود رسمية في نص رسمي بالانسحاب وإنهاء الاحتلال، وبحق عودة اللاجئين الفلسطينيين لتكون هذه غاية أي بحث جدي، فلماذا يوقف البلدان المقاومة ويتخليان عن هذا المبدأ، ومقابل ماذا؟
وتكشف المصادر أن البلدين تلقيا إشارة أميركية، بأن لا لزوم للاستعجال وأن دورهما في المرحلة الراهنة هو الانتظار ليس إلا. وتكشف أيضاً أن البلدين لم يتلقيا من الدولة العظمى ما يؤشر الى اهتمام كافٍ وحقيقي لإعداد "خارطة طريق" أخرى لمساريهما مع إسرائيل، مما جعلهما يعتبران أن الاتجاه الغالب هو انتظار الحل الشامل.
واستناداً الى المصادر، فإن فكرة إقامة "خارطة طريق" على المسارين اللبناني والسوري هي فكرة لبنانية ـ سورية، طرحت في الأساس على وزير الخارجية الأميركي أثناء زيارته الى البلدين مطلع شهر أيار الماضي، ثم طرحت على الأوروبيين الذين تجاوبوا معها، وكانت زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد خافيير سولانا على أساسها، الى المنطقة خلال الشهر الفائت أيضاً، لكن لم يبرز أي تجاوب أميركي مع الفكرة، باعتبار أن لبنان وسوريا موجودان في "خارطة الطريق"، وأن دعوتهما الى المشاركة في السلام تأتي في المرحلة المقبلة. ولو لم يتحدث الرئيس الفرنسي جاك شيراك في الأمر مع الرئيس الأميركي جورج بوش لكانت القضية توقفت عند هذا الحد. كما أن اهتمام وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني الذي سترأس بلاده الاتحاد الأوروبي مع بداية تموز المقبل وعلى مدى ستة أشهر، بايجاد "خارطة طريق" للمسارين اللبناني والسوري لم تقابلها واشنطن بأي اندفاع.
وترى المصادر، أن تحويل فكرة "خارطة" جديدة للمسارين الى مشروع بحث جدي يستلزم أحد أمرين: إما أن تتم صياغة ورقة لبنانية ـ سورية أوروبية مشتركة تركز على ما هو مطلوب من وضع "الخارطة"، ويكون لها فائدة أكاديمية وموثقة، وإما أن يعمل الأوروبيون على إقناع "الرباعية" على صياغة مثل هذه الورقة، فتصبح لها قيمة أخرى، حيث يمكن أن تقر، ويصبح من الممكن البدء بتطبيقها في موازاة تطبيق الخريطة القائمة على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي وعدم الانتظار حتى المرحلة الأخيرة لمباشرة لبنان وسوريا استرداد حقوقهما المشروعة.
لذلك هناك أسئلة مطروحة: هل تتحول الفكرة الى مشروع للرباعية الدولية، أم لا، وهل تتحول الى مشروع أميركي أم لا؟ هنا تقع المسألة.
وتلفت المصادر الى أن هناك مشاورات تجري داخل المجموعة الرباعية حول فكرة الخارطة الأخرى، لكنها حتى الآن يظهر أنها لا تزال تحظى باهتمام فرنسا، بالدرجة الأولى، ثم روسيا وايطاليا، وآفاقها غير واضحة المعالم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00