في أي خانة يضع لبنان ما يتلقاه من افكار حول اقتسام المياه في الجنوب، وما موقعها في التعاطي الديبلوماسي في سياسته الخارجية؟
هذه الأسئلة مدار بحث على أكثر من مستوى، خصوصاً في ضوء ما تسلمه لبنان من عضو الكونغرس الاميركي داريل عيسى اخيرا، وبعدما كانت طويت صفحة حقوق لبنان في مياهه اثر تدشين مضخة المياه على نهر الوزاني في العام الماضي، وبعد موافقة دولية على حجم هذه الاستفادة من المياه، والتي تقدر بـ 11 مليون متر مكعب سنويا، ولكن من دون ان تكون هذه الكمية محط اضواء اعلامية.
المصادر الديبلوماسية البارزة في بيروت، تؤكد ان ما يتلقاه لبنان من افكار في شأن المياه لا يمكن تصنيفه على انه مقترحات رسمية، بل يقع في اطار اهتمام اصحاب هذه الافكار، ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية، بالحفاظ على قنوات اتصال مع بيروت في شأن مسألة المياه ومستقبلها في المنطقة، وتوزيعها على الدول، في الوقت الحاضر ليس الا.
ولم تخف المصادر ان لبنان تلقى عبر القنوات الديبلوماسية في اكثر من جهة دولية نصائح بضرورة التنبه لردود الفعل إذا اراد القيام بأي مشروع مائي في المستقبل، في ظل التطورات الدولية الجديدة، ويكفي انه انجز مشروع الوزاني، والافضل للبنان التنبه الى ما سيستخدمه في المستقبل من المياه في الجنوب.
وأوضحت المصادر نفسها ان لبنان لا يمكنه ان يقبل الاستماع الى اي افكار تعرض عليه في موضوع المياه ان لم تمر هذه الافكار عبر الامم المتحدة، لان المنظمة الدولية هي المرجعية الأساسية في حل هذه المسائل، ولبنان لا يقبل غير ذلك ولا يمكنه السير في المنطق الآخر.
كذلك تؤكد المصادر ان موضوع المياه ليس مطروحا جدّيا في هذه المرحلة، لكن الحتمي انه سيطرح بقوة في مرحلة تنفيذ الحل الشامل في المنطقة، وبالنسبة الى لبنان فان اية مناقشة في مسألة المياه لن يدخل فيها الا من خلال المفاوضات المتعددة الطرف، والتي ستستأنف بعد ان تكون المفاوضات الثنائية حققت تقدماً جوهرياً، ويكون بالتالي انعقد المؤتمر الدولي المنصوص عنه في "خارطة الطريق"، والذي بدوره سيطلق، كما هو مقرر، المفاوضات الثنائية.
وتشير المصادر الى انه كلما حظيت "خارطة الطريق"، بسرعة في تنفيذها، اقترب موعد البدء بتحريك مسألة المياه في الشرق الأوسط. وفي المرحلة الراهنة التي تسبق البحث الجدي هناك مجموعة من الافكار التي يحضر لها من اجل مستقبل المياه في الشرق الأوسط، وتكمن في الآتي:
1 ـ إما العمل على تجديد مشروع جونستون 1953، بحيث يحصل بموجب ذلك توزيع جديد للحقوق والحصص وتحديد جديد لشروط الاستفادة من هذه الحصص.
2 ـ إما ان يتم العمل على خلق منظمة مائية على غرار منظمة "الأوبيك" البترولية، تكون المرجعية في الموضوع المائي في المنطقة بكاملها، يناط بها تحديد السياسات المائية، والاستفادة من الثروات الطبيعية المائية في اقصى حد ممكن، ودرس سبل توزيعها والحصص المفترضة لكل دولة.
3 ـ اقتراحات حول وجوب قيام تعاون ثنائي مائي في ظل وساطة اميركية بين دول المنطقة، بما في ذلك بين لبنان واسرائيل، وتخلص المصادر الى التأكيد بأن مرجعية لبنان بالنسبة الى حصته في المياه هي الشرعية الدولية والقانون الدولي والامم المتحدة، التي يفترض ان تقوم بدورها في حفظ الامن المائي في المنطقة والعالم، والذي شأنه ان يساهم في ارساء الاستقرار وازالة عناصر النزاع بين دول المنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.