بعد أيام على انتهاء قمتي شرم الشيخ والعقبة، ما هو تقويم لبنان الأولي لنتائج هاتين القمتين اللتين لم يدع اليهما في الأساس.
المصادر الديبلوماسية البارزة، تؤكد ان لبنان لا يزال يتلقى المعلومات حول المشاورات التي حصلت في القمتين، وما اتفق عليه خلالهما. لكن امكن التوقف في قراءة اولية، عند جملة من النقاط، لعل أبرزها ما يأتي:
أولاً: ان نتيجة القمتين أظهرت ان هناك جدية في المضي قدماً في تنفيذ "خارطة الطريق"، لكن ما توصل اليه المجتمعون لا يظهر بدقة ما إذا كانت هذه النتيجة ستؤدي فقط الى مباشرة تطبيق "الخارطة" أم ان الدفع سيستمر بزخم حتى انهاء تطبيقها بالكامل. فلا تزال هناك خشية من عدم وجود ما يضمن تطبيقها بكل مراحلها، بعد المباشرة بهذا التطبيق.
ثانياً: مسألة النيات تشكل موقعاً مهماً في مرحلة ما بعد القمتين. فلناحية نيات رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس، فإنها تبدو واضحة، وهي بالتأكيد أوضح من نيات رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، وهي موجهة لتنفيذ "الخارطة" وتطبيق كل المراحل المطلوبة من الفلسطينيين لهذه الغاية وبالتزامن مع تطبيق اسرائيل لما هو مطلوب منها ايضاً.
وتسأل المصادر، هل ان التصريحات تُعبر عن النيات لتجيب: بالنسبة الى أبو مازن فإن تصريحاته تعبّر عنها. ولكن بالرغم من ذلك لديه "حماس" و"الجهاد الاسلامي" اللتان ليستا موافقتين على المشاركة في القمتين ولا على خطابه فيهما ولا على منطق "خارطة الطريق"، وغير مقتنعين بذلك، فهل سيستطيع أبو مازن اقناعهما بالاتفاق الذي تم التوصل اليه من اجل تنفيذ "الخارطة"، أم ان الأمور بينهما ستصل الى مستوى المواجهة؟
وإذا ما اقنعهما، فهل يقنعهما بتجميد عملياتهما او إنهائها تمهيداً لنزع الأسلحة؟
هذا على الصعيد الفلسطيني، اما بالنسبة إلى شارون، فهناك أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كانت تصريحاته تمثل حقيقة موقفه. وتشير المصادر، الى ان ما من شك في ان كلام شارون ملفت، خصوصاً انه يأتي على لسان صقر تاريخي في اسرائيل، ولاسيما لجهة استعماله لكلمتي "احتلال"، و"الدولة الفلسطينية" وهما كلمتان جديدتان على لسانه.
وعلى الرغم من ذلك، تظهر التقارير الديبلوماسية خشية من ان يكون الأمر مناورة يتبعها شارون لإظهار نفسه أمام الرئيس الأميركي جورج بوش بأنه ايجابي في اتجاه السلام، لكن في الوقت عينه ربما ينتظر من "حماس" ان تقوم بإفشال نتيجة القمتين وبالتالي إفشال المباشرة في تنفيذ "خارطة الطريق".
لذلك، لا تعتبر المصادر ان المواقف متوازنة بين أبو مازن وشارون حول انتظار من سيقوم بإفشال الخايطة"، لانه يستبعد ان يكون أبو مازن في الوقت الذي يظهر فيه الايجابية، ينتظر قيام شارون بتفشيلها، لان ابو مازن أكثر جدية من شارون.
لكن من المؤكد للمصادر، ان التعابير التي استعملها شارون، والتي ذكرناها، لا بد انها "قضية كبيرة" بحد ذاتها، وهناك اراء متفاوتة حولها. فهناك تقارير ديبلوماسية رأت انها ايجابية، وأخرى رأت خلافا لذلك، وأخرى رأت انها "تحول تاريخي"، والبقية رأت انها "ملفتة" ليس اكثر.
ثالثاً: ان الخطوة المستقبلية المرتقبة بعد القمتين بأسابيع وليس اكثر، هو حصول بداية تنفيذ لـ "خارطة الطريق". ويتوقع ان تحمل هذه الاسابيع معها عقبات تتناول المطلوب فلسطينيا كنزع السلاح ووقف العمليات.
فاذا تم وقف العمليات مدة شهر، سيتم الطلب الى اسرائيل ان تعمل على تفكيك المستوطنات، لكن اذا ارادت المقاومة الفلسطينية وقف العمليات ضد المدنيين فقط وابقاءها ضد العسكر حسبما تشير، فهذا ستستغله اسرائيل وتصفه كعقبة تنفيذ لما هو مطلوب منها.
رابعاً: ان الرئيس الاميركي جورج بوش لن يتعامل مع "خارطة الطريق" من منطلق الواجب فقط، لجمع الافرقاء، بل سيعمل على متابعة الخطوات التي اتفق عليها، فهو سيكون منغمسا في السعي إلى الحل، وليس فقط راعيا له اذا اراد الافرقاء. ويبدو انه حتى الان يضمن بداية تنفيذ "خارطة الطريق".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.