تترقب بيروت باهتمام بالغ ما ستفضي اليه قمتا العقبة وشرم الشيخ، غداً وبعد غد، خصوصاً ان لبنان وسوريا سينتظران تطبيق "خارطة الطريق" على المسار الفلسطيني في ظل تضاؤل فرص نجاح الطرح الأوروبي بإعداد خارطة مماثلة خاصة بالمسارين اللبناني والسوري، يعمد الى تطبيقها، بشكل متواز، مع تلك المتعلّقة بالفلسطيني. لكن بات من المؤكد أمام البلدين ان الخطة المرحلية هي الأوفر حظاً، وهي التي يعمل بها.
وتتوقع مصادر ديبلوماسية غربية ان يصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون خلال القمتين ما هو إيجابي في المواقف المتعلقة بالتعاون، ولا سيما ان الرئيس الأميركي جورج بوش ستكون له الكلمة الفصل في القمتين.
لكن السؤال هل يلتزم شارون بالإيجابية والتعاون ما بعد القمتين؟
وتشير مصادر وزارية لبنانية الى ان معلومات متوافرة تؤكد وجود خطة أميركية مؤلفة من مراحل ثلاث، كل مرحلة سيصار الى تنفيذها في الوقت المناسب والمطلوب، وهذه المراحل هي:
أولاً: وقف "العنف"، أو ما يسمى العمل العسكري الفلسطيني، بما في ذلك وقف الانتفاضة بشكل تام.
ثانياً: إطلاق المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي وفق "خارطة الطريق" وبنودها.
ثالثاً: إطلاق المسارين اللبناني والسوري.
وتؤكد المصادر، ان نظام المراحل بالنسبة الى السلام في الشرق الأوسط، هو نظام مقصود ولم يأت بالمصادفة. ولعل أبرز ما في ذلك، ربط تنفيذ "الخارطة" وإطلاق المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي بوقف الأعمال العسكرية.
وتتوقع المصادر، ان تحتاج "خارطة الطريق" الى مزيد من الوقت كي يصبح تنفيذها ممكناً، خصوصاً في ظل عوامل عدة أبرزها:
1 ـ لا تزال لدى الولايات المتحدة الأميركية فترة ستة أشهر لتقوم بتحركات في اتجاه المنطقة، قبل ان تبدأ بالانشغال بالحملة الانتخابية الأميركية حيث يرتقب ان يخف الاندفاع في اتجاه الحل. إذ ان داخل الإدارة الأميركية مدرستين، الأولى، تقول ان على الرئيس الأميركي بوش القيام بإنجازات قبل الانتخابات الأمر الذي يساعده في نتيجتها، والثانية، ذات البعد الصهيوني، تقول بضرورة ان تكسب إسرائيل مزيداً من الوقت، عبر إشغال الإدارة الأميركية بالملف الإيراني، فيحصل ارتباك في المنطقة، الأمر الذي يقلّل ظروف الضغط الأميركي على إسرائيل لتحقيق "الخارطة"، فتكسب تل أبيب وقتاً إضافياً.
وتؤكد المصادر ان ثمة محاولات إسرائيلية جدية وقوية لتمرير الوقت، من الآن ولغاية نهاية السنة الجارية. وتدل نتيجة التصويت الإسرائيلي على القبول بـ"خارطة الطريق" عبر 12 صوتاً من أصل 23، على ان إسرائيل غير مقتنعة بالسلام حتى الآن، وان هذه النتيجة معروفة ولم تكن هذه الموافقة مفاجئة لأي طرف.
إزاء ذلك، من الممكن ان تقوم إسرائيل بخربطتها. وهي التي أبدت اعتراضات على أول خطوة مطلوبة منها بحسب الخارطة، وهي ان تعلن موافقتها على قيام دولة فلسطينية، وبدلاً من ذلك اشترطت لدى المجموعة الدولية ان تقوم بهذا الاعلان بعد ان يعترف الفلسطينيون بالدولة الإسرائيلية.
كذلك، تستبعد المصادر ان تتحرك إسرائيل لتنفيذ "الخارطة" إلا اذا تأكدت ان لا عنف ولا عمليات عسكرية، مما يعني في اللغة السياسية انها لا تريد أي خطة سياسية. من هنا يبدو ان وقف العمليات هو أول ما تعمل عليه واشنطن لإقناع الجانب الإسرائيلي بالسير فعلاً في "الخارطة".
وتشير المصادر في السياق نفسه الى إن إسرائيل لن ترضخ لما يرغب به الأوروبيون وجزء من الأميركيين أن تسير في خطى الخريطة وفق تواريخ محددة، وتشترط حصول هدنة أمنية تمتد من ستة أسابيع ولغاية ستة أشهر، على ألاّ تطلق خلالها طلقة واحدة من الجانب الفلسطيني، وتقول انها لن تسمح خلال هذه الفترة لرئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس بإعادة تأسيس الشرطة الفلسطينية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.