دعت أوساط ديبلوماسية بارزة في بيروت الى ادراك خارطة المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط على حقيقتها، وموقع كل دولة في المنطقة من هذه المصالح، والعلاقة التي تربط بين مجموع الدول بالنسبة الى الاستراتيجية الأميركية، قبيل التكهن بأهداف الكلام الأميركي الموجه الى سوريا، والذي ستتبعه زيارة لوزير الخارجية الأميركي كولن باول الى دمشق..
وفي حين لم تبلَّغ بيروت بعد ما إذا كانت ستشملها جولة باول، فإن المصادر رأت أن الحوار السوري ـ الأميركي "هو الأسلوب الذي يجب اعتماده، ومن شأنه ايجاد مخارج وحلول لكل القضايا العالقة، ويؤدي الى توضيح الصورة، لاسيما وان الرغبة موجودة لدى الطرفين لتعميق الحوار والتفاهم على العديد من الأمور، إذ ما من جهةٍ تريد العمل تحت التهديد والضغط".
ولاحظت المصادر ان الخطاب الأميركي الموجه الى سوريا "عاد ليكون أكثر هدوءاً خلال الأيام الماضية، وقابلته من الجانب السوري ايجابية مماثلة في الخطاب والرغبة في التعاون".
وأوضحت المصادر "ان التعاون السوري تجلى في الواقع في التعاطي مع الموضوع الأكثر أولوية بالنسبة الى واشنطن، وهو الوضع العراقي، فعمدت دمشق الى عدم استقبال مسؤولين عراقيين على سبيل اللجوء السياسي، وإغلاق الحدود مما يعني ضمناً عدم ذهاب متطوعين سوريين الى العراق، ويدل ذلك على ان تفاهماً أميركياً سورياً بالنسبة الى العراق قطع شوطاً كبيراً قبيل حصول زيارة باول. اما بالنسبة الى الطلب الأميركي إقفال مكاتب "حماس" و"الجهاد الاسلامي" في دمشق، فإن سوريا أوضحت ان هذه المكاتب هي مكاتب إعلامية، وليس لها أي دور آخر. لكن لا يزال هذا الأمر مرشحاً للنقاش، اثناء زيارة باول المرتقبة، اضافة الى موضوع الزعم الأميركي بأن دمشق بحيازتها السلاح الكيميائي، وفي الوقت نفسه ردّت بضرورة ان يكون حل هذه المسألة في إطار ضرورة نزع الأسلحة الكيميائية والنووية من منطقة الشرق الأوسط بكاملها بما فيها اسرائيل. وستقوم سوريا بتحريك هذا الموضوع انطلاقاً من تقديمها مشروع قرار جديداً الى مجلس الأمن لإقراره".
أما بالنسبة الى قبول دمشق بـ"خريطة الطريق"، فإن هذه المسألة بحسب المصادر، لا تزال موضع أخذ ورد، "ذلك ان سوريا ستختار القبول بالحل العادل والشامل للنزاع العربي ـ الاسرائيلي، وبقول ما يقبل به الفلسطينيون لمسارهم مع اسرائيل، وليس بالنسبة الى المسارين السوري واللبناني مع الدولة العبرية، مع ما يشمله المساران من ملف اللاجئين الفلسطينيين وحق عودتهم، الأمر الذي يشكل نوعاً من حل وسط، لأنه في الجوهر لم يتغير الموقف السوري، والمطالبة بالحل العادل والشامل هي اساس السلام مع اسرائيل".
ونفت المصادر ان تكون المطالب الأميركية من سوريا ستشمل "حزب الله" والوجود السوري في لبنان. فالادارة الأميركية ليست مستعجلة الآن لتحديد مصير"حزب الله"، الذي ترفع عنوانه في الولايات المتحدة جهة معينة فقط في الحملة، لكن واشنطن ستبلّغ في حينه ان الحزب نشأ نتيجة الاحتلال، وان زوال الاحتلال في اطار الحل الشامل المرجو يجعل مصير الحزب يتحدد في هذا الاطار العام. أما بالنسبة الى الوجود السوري في لبنان، فإن تحديد مصيره ليس موضع بحث حالياً، وخلال الحوار السوري مع باول الأسبوع المقبل، انما تخضع مناقشته أميركياً عندما تقضي خارطة المصالح الاستراتيجية الأميركية بذلك، وقد يستعمل للضغط في مواقف عدة، اذا ما رأت واشنطن ضرورة حصول ذلك".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.