اعتبرت مصادر ديبلوماسية في بيروت، ان الموقف الذي صدر عن الدورة العادية 119 لجامعة الدول العربية التي انعقدت خلال اليومين الماضيين في القاهرة، "هو السقف الأعلى للتحرك العربي على مستوى المجموعة العربية في اطار ردة الفعل على العدوان على العراق، وكان أقصى ما يمكن التوصل اليه، وهو يمثل تصعيداً إعلامياً للموقف، لكنه جيد وإيجابي بحيث استطاعت الدول الخليجية ان توافق على المقررات باستثناء الكويت، خصوصاً ان هذه الدول تستضيف القوات الحليفة لضرب العراق".
إلا ان المصادر تستبعد ان تنجح الخطوة العربية في اتجاه الجمعية العامة للأمم المتحدة لسببين أساسيين، الأول: ان الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يستطيعا القيام بأي شيء للحؤول دون الحرب، والثاني: صعوبة ان تتوافر أغلبية الثلثين في تأييد أي اقتراح عربي في حال التأمت الجمعية العامة للأمم المتحدة تلبية لطلب الجامعة العربية.
وتتوقع المعلومات ان يبلغ الحد الأقصى لعدد الدول التي ستكون مؤيدة للمشروع العربي ما بين 70 دولة و80، في حين ان رقم الثلثين يتطلب 140 من أصل 190 دولة أعضاء في الأمم المتحدة. والفترة التي تلت التفرّد الأميركي بقرار الحرب وتوجيهها فعلاً، جعلت العديد من الدول تعيد النظر في مواقفها، وهي لن تقوم بمعاداة الولايات المتحدة بسبب الحرب على العراق. كما ان توفير أكثرية أوتوماتيكية في الجمعية العامة لم يعد ممكناً كالسابق.
لذا، تشير المصادر الى انه "من شأن التوجه العربي الى الأمم المتحدة، اعطاء دفع جديد للعراق ولمقاومته، وتنفيس الاحتقان الموجود لدى الشعوب العربية التي كانت تأمل ان تقف دولها في وجه الحرب وترفضها بشكل أكثر حزماً".
وتتوقف المصادر المطلعة على مجريات أبحاث دورة الجامعة في القاهرة، عند التلازم في الموقف العربي، والإنجازات التي حققتها المقاومة العراقية على الأرض، حيث اختبر العراقيون الحرب في مراحل حرب الخليج الأولى والثانية، وهم الآن يدافعون عن أرضهم، وقد فاجأ تغيير التكتيك العراقي الجميع. فالحرب بالنسبة الى العراق ليست تقليدية في الوسائل التي تعتمدها القيادة، وهي تكاد تكون حرب عصابات. فالحرس الجمهوري موزّع بأعداد محدودة في كل المحافظات، وليس في بغداد فقط، على شكل مجموعات صغيرة لكنها متحركة. كما ان اعداد العراق للحرب التي كان يتوقعها، استغرق قرابة العشر سنوات.
وأوضحت المصادر ان الموقف في الجامعة العربية أزعج الولايات المتحدة "التي تتجه الى ممارسة مزيد من الضغوط السياسية والعسكرية من أجل ان يقبل الرئيس العراقي صدام حسين بالانسحاب من المعركة قبل انتهاء الحرب، خصوصاً انها باتت تدرك بعد مضي الاسبوع الأول على الحرب انها لن تكون سهلة".
وأضافت انه "مما لا شك فيه ان واشنطن ترى ان محاولة إجراء مقايضة مع صدام مقابل انسحابه من العراق تسهّل عليها النصر بفعل العديد من العوامل التي كانت تعوّل عليها، ولم يكن ذلك في محله، وهي:
ـ ان معلومات الاستخبارات الأميركية حول كره العراقيين لصدام لم تكن دقيقة، بل نظرية فقط. فإذا كان الرجل غير محبوب من شعبه، إلا انه ليس مكروهاً بالمستوى الذي اقتنعت واشنطن به، ولا سيما انه "خفف من بطشه في السنوات الأخيرة...".
ـ ان المعارضة، خصوصاً الشيعية منها، لم تبد استعداداً لتسليف الأميركيين في العراق بعدما خذلت في 1991.
ـ ان ثمة نقصاً في المعلومات التي تقدمها الاستخبارات الأميركية للإدارة على غرار أسباب وقوع أحداث 11 أيلول 2001، واعتمادها على المعارضة العراقية لم يكن ناجحاً لأن معلوماتها تعود الى 20 عاماً خلت.
ـ فشل المخططات الأميركية مع تركيا، مع العلم ان الولايات المتحدة التي ستستنزف كثيراً لكي تصل الى هدفها، ستقوم بمحاسبة تركيا عبر إجبارها على الانسحاب مستقبلاً من قبرص والعمل على توحيد الجزيرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.