كان لافتاً بالنسبة إلى أوساط ديبلوماسية في بيروت، إعادة تكثيف المواقف الدولية، ولاسيما الأميركية، الداعمة للمحكمة الخاصة بلبنان في هذه المرحلة. وتتوقع الاوساط تصاعد هذه المواقف وخطوات سياسية إضافية تصب في هذا المجال، ليس آخرها إيفاد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي جون كيري إلى لبنان وعدد من دول المنطقة لابلاغ رسالة واضحة في ما تؤكد عليه واشنطن.
وبحسب المعطيات فإنّ تصاعد المواقف يرتكز على جملة عوامل هي:
ـ ضرورة اعادة الدعم السياسي الدولي لعمل المحكمة وللقرار الاتهامي الذي سيصدر عنها، لأن ما يحصل من بعض الأفرقاء في لبنان هو رغبة في التدخل بعمل المحكمة والضغط على لبنان كبلد لمواجهة ما سيصدر عنها.
ـ ان هناك رغبة أميركية ودولية في ايصال رسائل إلى الداخل اللبناني والخارج على السواء، بأن لا فترة تراخ في دعم لبنان، وان ما فهمه بعض الافرقاء حول ان اعطاء الفرص للحوار الدولي والاقليمي، هو فترة جمود من خلالها يتم العمل للسيطرة على الساحة اللبنانية لكي تصبح لفريق 8 آذار ومن وراءهم، ليست صحيحة، كما انه ليس هناك من فراغ تركته الادارة الأميركية، من خلال اتباعها اسلوب دعم التدخل اليومي في الشأن اللبناني، لا بل ان هناك إرادة قوية حالياً للقول ان لبنان لا يزال في سلم أولويات الادارة ان بالنسبة إلى الاستقرار أو بالنسبة إلى مسار عمل المحكمة.
ـ ان هناك إصرارا دوليا وأميركيا على إعادة العمل على التوازن في وضع لبنان خصوصاً بعد زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، ويدل هذا التوجه الدولي على إظهار المؤشرات الى ان الساحة اللبنانية مضبوطة ولم تنزلق إلى المدار الايراني.
ـ لقد وجهت الإدارة الأميركية وكذلك الفرنسية رسائل إلى كل المعنيين في لبنان وخارجه حول دعم المحكمة والاستقرار، وان مسؤولية الاستقرار تقع على الطرف الذي يمكنه منع الاستقرار او هزّه، ما يعني ان المواقف السياسية الدولية مهمة جداً في تصويب الوضع وليس كل قوة تتأتى من الأمن فقط.
ـ ان ما يهم المجتمع الدولي مسار المحكمة واستمراريته، وبالتزامن يشدد على الاستقرار ولكنْ هناك رفض لأن يتم الاستقرار على حساب العدالة.
ـ ان المجتمع الدولي يدعو اللبنانيين إلى إيجاد الطرق اللازمة لترتيب وضعهم في هذه المرحلة التي تسبق صدور القرار الاتهامي، لكن الأوساط تعتبر انه مهما كانت ردود الفعل الداخلية في لبنان ومهما حصل فلن يؤثر ذلك في عمل المحكمة.
ـ ان هناك قلقا دوليا وأميركيا من حصول تغييرات في الوضع الدستوري في البلاد، ويقصد بذلك طرح بعض الأفرقاء تعديلات في اتفاق الطائف. والقلق يعني ان تداولات قد تكون حاصلة وأبلغت بها واشنطن بعيداً من الاضواء، الأمر الذي لا ترى ان حصوله لازم.
ـ ان الاستقرار مهم جداً في لبنان بحسب المواقف الدولية، ذلك ان عدم الاستقرار يطيح كل شيء. فالاستقرار يؤدي إلى نجاح الحكومة في مهمتها، ونجاح المؤسسات الدستورية وعملها، فضلاً عن انه أساسي لتنفيذ القرار 1701 واستمرار عمل المحكمة، ونقيض الاستقرار يقضي على كل المقومات ويهدد المنجزات التي تحققت حتى الآن على صعيد السيادة والاستقلال.
إلا أن أي مبادرة دولية لن تحصل، بل ثمة تركيز على مراقبة الوضع اللبناني بدقة في المرحلة الفاصلة عن صدور القرار الاتهامي، وبعد صدوره فإن أي تطور سيتعامل المجتمع الدولي معه بحسب الظروف في حينها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.