حتى الآن، وعلى مسافة أربعة أيام من انعقاد القمة العربية الاستثنائية في مدينة سرت الليبية يوم السبت المقبل، لم يتخذ لبنان أي قرار حول مشاركته في القمة، ولم يصدر عنه أي موقف في هذا الشأن. وبالتالي لم يعرف ما إذا سيحضر وعلى أي مستوى، أم أنه سيمتنع عن الحضور، مع العلم ان مشاركته على مستوى القمة غير واردة.
وستناقش القمة موضوعي رابطة الحوار العربي والهيكلية الجديدة للجامعة العربية، اللذين يفترض أن يكون للبنان رأي فيهما، خصوصاً وأن الدورة 134 للجامعة في أيلول الماضي اتخذت قراراً بأن يلتئم وزراء الخارجية العرب لتدارس آراء الدول العربية التي ترغب في التعبير عنها، ازاء هذين الموضوعين قبل القمة بيوم واحد تحضيراً لها ولجوجلة الأفكار التي ستعرض عليها، تمهيداً لأن تتخذ موقفاً حيالها.
وعدم اتخاذ لبنان موقفاً من المشاركة في القمة سينسحب على المشاركة في اجتماعها الوزاري التحضيري الجمعة، بحيث لن يحضر وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي, كما ان اتفاق العرب على عقد اجتماع للجنة المبادرة العربية لمتابعة تطورات المبادرة العربية للسلام، في اليوم نفسه، الذي يكون وزراء الخارجية العرب مجتمعين في سرت، أي الجمعة بدلاً من غد الأربعاء في القاهرة، جاء لأسباب لوجستية، لصعوبة الانتقال من القاهرة إلى سرت، ففضلوا ان ينعقد الاجتماعان في اليوم نفسه لوجود الجميع في سرت تحضيراً للقمة. وبالتالي، فإنّ عدم اتخاذ لبنان موقفاً من المشاركة في القمة، يرجح أن ينسحب على الموقف من المشاركة في أعمال لجنة المبادرة، بحيث لن يحضر الشامي لأسباب سياسية باتت معروفة بالنسبة إلى ليبيا، وفي ظل عدم إقرار حضور سفير، فإنّ لبنان قد يتغيب عن اجتماع المبادرة أيضاً. وتبعاً لذلك، لم يتخذ قرار بإيفاد السفير اللبناني في القاهرة ومندوب لبنان الدائم لدى الجامعة خالد زيادة إلى ليبيا، كما جرى في قمة ليبيا العربية العادية في نهاية آذار الماضي، ويبدو أن اللاقرار هو السائد في الموضوع.
لكن السؤال المطروح، هل سيفوّت لبنان فرصاً حول المشاركة في اتخاذ قرارات عربية؟. مصادر ديبلوماسية تفيد ان اجتماع المبادرة لن تنتج عنه مواقف جذرية أو تقود إلى تغييرات ما، إنما ستكون مقرراته رمادية تفسح المجال أمام فرص اخرى لإعادة التفاوض، نتيجة استمرار التحرك الأميركي على الرغم من عدم تحقيق الموفد الأميركي الرئاسي للشرق الأوسط جورج ميتشل في جولته الأخيرة في المنطقة تقدماً في مسار استئناف التفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل، واستطاع فقط أن يبقي الباب مفتوحاً أمام تواصل البحث من أجل الاتفاق على إعادة التفاوض.
لذا لن يكون هناك قرارات إلا للتوازي مع الفرصة المتاحة، وهذا ما يدركه لبنان، ولن يعارضه.
أما على صعيد مشاركته في صناعة القرار حول الجوار العربي والهيكلية العربية الجديدة المطروحين على القمة، فإنّ الموضوعين لا يزالان يحتاجان إلى دراسة من جانب كل الدول العربية، لذا، فإنّ لبنان لديه موقف واضح وهو انه سيأخذ في الاعتبار حصيلة مواقف الأكثرية العربية في تعامله مع ما يجب أن يقوله في المسألتين. أما إذا ما حصل خلاف عربي أو عدم توافق، فإنّه في موقفه سيبقى على الحياد. فضلاً عن ذلك، فإنّ القمة لن تكون حاسمة في إقرار أي شيء يتعلق بالمسألتين، إنما ستشكل مقررات القمة خطوة أولية من بين خطوات تدريجية، ستتخذ لاحقاً وستستكمل مع الوقت في المناسبات العربية من قمم أو اجتماعات للجامعة على مستوى وزراء الخارجية، ويمكن للبنان اللحاق ببحثها في مراحلها المتقدمة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.