بعد تسلم الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس باراك أوباما السلطة، أعطيت فرصة دولية للحوار الإقليمي أي مع سوريا وإيران حول كل المسائل العالقة في مواضيع المنطقة، ما جعل هذا الحوار ينعكس على أجواء المنطقة التي تأثرت بانطلاقته من حيث التهدئة والاستقرار.
واستناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة لا يمكن القول إن الحوار الأميركي السوري وصل إلى طريق مسدود على الرغم من التعثر الذي يتصف به، والذي يجعله يراوح مكانه. لكن واشنطن لم تقل مرة إنها ستوقف هذا الحوار، وجاءت زيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس السيناتور جون كيري إلى دمشق والذي تربطه بها علاقة قوية لتستتبع مرحلة المراوحة، وللطلب إلى دمشق أن يساعد أداؤها في المنطقة الكونغرس لعدم الاعتراض على إرسال السفير الأميركي المعيّن في سوريا روبرت فورد لتسلم منصبه، وبالتالي من أجل المساعدة في ضبط الحدود اللبنانية السورية لا سيما ضبط تمرير السلاح إلى حزب الله. وأوضحت دمشق أنها لا ترسل السلاح أو تمرره. وفي مراحل الحوار السابقة معها، أكدت أنها تعمل بما هو ملقى على عاتقها، إن في لبنان أو في العراق حيث تشير للأميركيين إلى أنها تقوم بما تستطيعه لضبط حدودها.
وأظهر الحوار أن سوريا لن تنفصل عن إيران، لكن الحوار معها سيستمر، إلا أن التركيز الأميركي يبقى على إيران كملف أساسي، وليس على سوريا بحيث تعتبر واشنطن أن ملفها تابع للموضوع الإيراني، وليست سوريا هي المشكلة الأساسية بالنسبة إليها. وعلى الرغم من الفارق بين التقييم الأميركي والتقييم الفرنسي بالنسبة إلى أداء سوريا فإنّ دمشق لم تعطِ موعداً لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قبل أسبوعين للقاء الرئيس بشار الأسد. وما لبثت أن حددت الموعد الأسبوع الفائت بعد اتصالات ومواقف فرنسية جديدة.
ومع إيران، لم يصل الحوار إلى نتيجة، واللجوء إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار لتشديد العقوبات عليها، يبقى تصعيداً لكن في إطار الديبلوماسية، وحيث لا لجوء إلى القوة، ما يعني أنه لم يتم استنفاد الفرصة الحوارية، والتي ترخي بظلالها على الوضع في المنطقة لناحية التهدئة.
وتتزامن الفرصة المعطاة دولياً للحوار مع سوريا وإيران مع الفرصة المعطاة عربياً لعملية السلام في الشرق الأوسط، مع إسرائيل، وذلك من خلال مدة الأشهر الأربعة على بدء المحادثات غير المباشرة، أو مفاوضات التقارب. وترتبط بعض عناصر الفرصة الأولى بالثانية، كون تقدم المفاوضات، إذا ما حصل، سينعكس ارتياحاً في المنطقة، ويخفف من عوامل التوتر والتطرف فيها. وتفيد المصادر أنه إذا تمكن الراعي الأميركي من إحداث خرق في التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، فإنّ ذلك سيستتبع باستئناف التفاوض على المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل. وبالتالي، ستلتئم المفاوضات المباشرة على المسارات الثلاثة كافة. إنما إذا ما تعقدت الأمور ولم توصل المفاوضات غير المباشرة إلى نتيجة، فإنّ الخطورة في الوضع ستكون حتمية، من غير أن يعني ذلك حصول تصعيد أو حرب. لكن عدم حصول أي اختراق في السلام بسبب عدم اكتراث إسرائيل للإرادة الأميركية، واستمرار هذه الحالة مدة طويلة، من شأنه تقوية أطراف أخرى في المنطقة، وهذا قد يعيد خلط الأوراق مجدداً لجهة فرض واقع جديد.
إلا أن ما يُنقل عن مسؤولين أميركيين كبار عدم تفاؤلهم من جراء ما حققته حتى الآن المفاوضات غير المباشرة. إذ يعتبرون أن هذه المفاوضات تسير في مسار ممل، لكن الموفد الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل سيعود قريباً إلى المنطقة، وستكون له تحركات متواصلة بين واشنطن وكل من تل أبيب ورام الله على الدوام. وهو يدرك تماماً أن الظروف التي تمر بها المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، لا تقل تعقيداً عن الظروف التي مرت بها المفاوضات التي رعاها في ايرلندا واستمرت 3 سنوات انتجت حلاً.
وتبعاً لذلك يظهر، حسب المصادر، أن التفاوض غير المباشر، يؤدي في المنطقة دور تهدئة الوضع وإضفاء نوع من الاستقرار في حدود معينة. ولا يخلو الوضع من محاولة أميركية للعب أوراق الضغط بالتعاون مع الأوروبيين الذين تمر عملتهم في صعوبات. ومن هذه الأوراق إبلاغ الأطراف العربية المجاورة لإسرائيل، أن خطط الدولة العبرية جاهزة في حال حصول أي هجوم، وفي حال استمر تهريب السلاح.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.