8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إسرائيل تسعى إلى سحب حجّة حزب الله في الغجر إذا استهدفت إيران

لم يكن ممكناً اعتبار موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل يومين أمام لجنة الشؤون الخارجية حول ان حزب الله بات جيش لبنان، منفصلاً عن السياق الذي تتبعه إسرائيل منذ مدة، بحيث تحاول تكوين ملف بالنسبة إلى لبنان، يتيح في ظرف ما استعمال كل الخيارات في التعامل معه، بما فيه الخيار العسكري والعدواني.
وتضع مصادر ديبلوماسية تتابع الموضوع الإسرائيلي من كثب، الموقف الأخير في اطار أشمل على الرغم من خطورته على لبنان، ويأتي بالتالي لأغراض أبرزها:
ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية منذ بداية انطلاقتها وعشية نيلها الثقة، بحيث ان فحوى الكلام، يوازي بين الجيش والمقاومة، ويعطي للمقاومة صفة النظامية. ما يعني ان إسرائيل لا تعتبر الحزب عصابة أو منظمة ذات عمل غير منظم، إنما جماعة منخرطة في الدولة، ولذلك يقع على أي عمل تقوم به ضد إسرائيل مسؤولية كبيرة. وإن جاء هذا الكلام للتهديد والتهويل وشدّ الحبال في هذه المرحلة، إلا أن له مدلولاته، لاسيما على مستوى فتح الخيارات أمام الدولة العبرية لمحاربة لبنان الرسمي، وان كل شيء أمامها متاح وبصورة أعنف مما شهده لبنان في الماضي.
تحاول إسرائيل عبر هذا الكلام، التملص من قواعد اللعبة التي تضبط الوضع في الجنوب، خصوصاً ان موقفها هذا يأتي بعد سلسلة مواقف سابقة هدفها الترويج ان لبنان ابتعد عن هذه القواعد وتخلى عنها، اولها، إبلاغ الأمم المتحدة قبل مدة وجيزة ان لبنان لا ينفذ القرار 1701، وانه يتبنى موقف حزب الله بدلاً من أن يتم تجريده من السلاح، ثم ما قامت به اثر احتجازها الباخرة في عرض البحر قبالة مياهها الاقليمية، وما أبلغته إلى الأمم المتحدة، ثم سعيها الدؤوب إلى تبادل الأسرى مع الفلسطينيين لاسترداد الجندي جلعاد شاليط، وردّ أسرى فلسطينيين، ثم السعي إلى الانسحاب من الجزء الشمالي لقرية الغجر على الحدود اللبنانية، ما يزيل أي لوم دولي عليها في حال أقدمت على أي خطوة عسكرية ضد لبنان.
تحاول إسرائيل استباق زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى واشنطن، حيث سيطلب الدعم الأميركي لتسليح الجيش اللبناني، إذ تريد لفت انتباه واشنطن واستدراجها إلى مساءلة الرئيس حول وضع الجيش، وما إذا سيكون الجهة الوحيدة التي ستستفيد من التسلح، وحول دوره في ترسيخ الأمن والاستقرار.
ان هناك قلقاً لبنانياً يتقاطع مع اهتمام شديد من أكثر من عاصمة كبرى، من قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران، بحيث يكون أي انسحاب من الغجر، سيتحدد موعده في كانون الثاني المقبل، هدفه سحب أي حجّة أو ذريعة من حزب الله للقيام بعمل ضدّ إسرائيل لإلهائها عن إيران، في الجبهة الشمالية لها. وبالتالي، يكون الانسحاب في سياق إزالة كل المآخذ حيال أي رد إسرائيلي على حزب الله في هذه الحالة. ويكون ذلك في اطار الدفاع عن النفس، بعدما تكون حجّة الحزب قد انتفت من جراء الخروج الإسرائيلي من الغجر، ويصبح موقف الحزب أمام الرأي العام العالمي أضعف. والفرق بين الغجر ومزارع شبعا بالنسبة إلى الحجّة، إذ لم تنو إسرائيل الانسحاب من المزارع لسحب أي حجة، هو أن المجتمع الدولي يعتبر المزارع خاضعة لسيطرة القوة الفاصلة بين الجولان وإسرائيل، بعدما كانت سوريا تسيطر عليها، وعندما يراد البت بها لا مانع. إنما في الغجر الحجّة أضعف لأنها أرض لبنانية انسحبت منها إسرائيل في العام 2000، وعادت إليها في العام 2006.
ان الأجواء التصعيدية ضد إيران بدأت تتعزز على المستوى الدولي، وأبرز ما فيها، اعتبار المصادر، ان قرار الولايات المتحدة إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى افغانستان، لا يتصل بأفغانستان فحسب، إنما أيضاً لتكوين موقع قوي على الجبهة الشرقية مع إيران، والقدرة على استخدام هذا العدد من قوات الانتشار، إذا لزم الأمر، في المنطقة المشار إليها، وتتزامن قضية الغجر مع هذه الأجواء، وفي حال قامت إسرائيل بضرب إيران تكون قد سحبت الحجّة أمام الحزب إذا ما ردّ عليها، وبررت لنفسها خطوات لاحقة، بعدما حررت نفسها من القيود الموضوعة.
كل هذه المحطات مترابطة في سياق القرارات الكبرى المحتملة للدولة العبرية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00