8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تأجيل اجتماع لجنة المبادرة للتشاور تجنباً لمأزق كبير وحفاظاً على الاستعداد للسلام

لم تجتمع اللجنة الخاصة بالمبادرة العربية للسلام، أمس الاربعاء، في القاهرة كما كان مقرراً. إذ تم تأجيل انعقادها الى يوم الاربعاء المقبل، من دون ان تستبعد مصادر ديبلوماسية عربية، ان يحصل تأجيل آخر. ويطرح ذلك أكثر من علامة استفهام حول ما يعكسه التأجيل بالنسبة الى القلق العربي على مصير العملية السلمية، ثم أهمية تكثيف الاتصالات والمشاورات لتحديد الطريقة الأفضل للتعامل مع الظروف الجديدة من المفاجآت السلبية التي خلّفها خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد الماضي.
وبنتيجة تبادل الآراء بين القادة ووزراء الخارجية العرب خلال الساعات الأخيرة التي سبقت موعد الاجتماع، تقرر الإرجاء بعد تسجيل انزعاج عربي من مضمون الخطاب على الرغم من ان أحداً لم يكن يتوقع ايجابيات، لا سيما أن أبرز نقاطه كانت سُرّبت عبر القنوات الخاصة، لقادة عرب لكي يكونوا مطلعين مسبقاً على جو الخطاب، ويأتي التأجيل على خلفية وجوب السعي لتنفيس الاحتقان الذي ساد عربياً إثر الخطاب، وعقلنة ردات الفعل المحتملة، في ظل المواقف الأخرى التي صدرت، ومنها عن الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله ومضمونها المضاد طبعاً لخطاب نتنياهو.
الأمر الذي يُلزم تشاوراً إضافياً لكي يتجنب العرب المأزق الكبير في ما يمكن ان يلجأون اليه. فهم ليسوا في وارد القول بخيارات أخرى غير المبادرة العربية للسلام. كما ان المبادرة باتت بالنسبة الى نتنياهو منسوفة من جراء خطابه، كذلك ان العرب ليسوا في وارد إعلان طبول الحرب أو التهديد بأي نوع من أنواع الدفاع المشترك، ولن يقوموا بفتح جسر بري بالقوة مع غزة، ووصل غزة بالضفة الغربية، وتسليح الدولة الفلسطينية بعد إعلانهم استقلالها واستعادة اللاجئين كردة فعل قوية على ما أعلنه نتنياهو. ولا حتى هناك رغبة في الوقت الحاضر بتجميد المبادرة، خصوصاً ان هذه الخطوة لن يستتبعها تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك. ولن يكون التعامل مع الطرف الذي فرضه خطاب نتنياهو سهلاً، وبدلاً من ان يكون اجتماع اللجنة لمواكبة الاستعدادات الدولية والأوروبية حول السلام وإطلاقه، باتت الأولوية لتجنب المأزق في التعامل مع الوضع، بعدما رمى نتنياهو الكرة في الملعب العربي بهذا الشكل، وبعدما ساهم خطابه في نسف الرؤية الانفتاحية والحوارية التي شدد عليها خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة.
وعقلنة ردة الفعل العربية، في الرد الذي سيصدر عن اجتماع اللجنة، تؤكد المصادر انه سيكون رمادي الطابع، آخذاً بالإعتبار الجهود الدولية التي ستُتابع مع إسرائيل لتعديل موقفها. إذ ان هناك دولاً تراهن على انه لدى بدء التفاوض لن تبقى إسرائيل متمسكة بالسقف المرتفع الذي حدده نتنياهو، مع الإشارة الى ان دول أخرى تبدي تشاؤماً حيال الفرص الحقيقية للسلام من جراء هذا الخطاب، وحيث قد ينسحب تطرفه على إفشال جلسات التفاوض إذا عُقدت، أو إفشال الاستعدادات العربية لبدء السلام الشامل وهذا مصدر قلق حالي.
إلا ان ما لم يفشّله الخطاب، بالنسبة الى العرب، هو استمرارهم في مسار الحلحلة مع الاتحاد الأوروبي، بعد الموقف الذي اتخذوه نتيجة حرب غزة، بوقف الاجتماعات العربية ـ الأوروبية. ومن المقرر ان تؤكد اللجنة على عودة المشاركة مع الأوروبيين، وحيث انه للمرة الأولى، بدا الموقف الأميركي أكثر اقتراباً من الموقف الأوروبي حيال السلام. ويبقى اتخاذ القرار السياسي العربي، بإعادة مجرى الأمور مع أوروبا، على اللجنة.
في الوقت نفسه، هناك مشاورات عربية تركز على سبل التبرير لأي خطوة مطلوبة منهم أميركياً في مجال إيجاد المناخات المساعدة على انطلاقة التسوية في المنطقة، بعد كلام نتنياهو. وهذه الناحية تبدو مؤثرة في ما ستقرره اللجنة. فواشنطن باتت محرجة بحليفتها الأساسية، والتطرف لا يقتصر على نتنياهو، بل انه متجذر في المجتمع الإسرائيلي الذي أدى الى وصول مثل هذه الحكومة الى سدة المسؤولية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00