أرخت التفجيرات الارهابية التي شهدتها كنيسة القديسين في الاسكندرية بداية السنة الحالية بظلها على كل الاحداث والتطورات، وتكاثرت مواقف الاستنكار في العالم، وسط تساؤلات عن استمرار هذا المسلسل الدموي بحق المواطنين العزل.
وأجمع اللبنانيون بمختلف مشاربهم وأطيافهم على ادانة هذه الاعمال، التي ان بينت على شيء تبين عن مستوى المؤامرة التي تحاك لبث الفتنة بين ابناء البلد الواحد ان كان في العراق او السودان او مصر او لبنان.
المستقبل زارت مقر الكنيسة القبطية وأحست بمدى التأثر والعتب والوجوم الذي يسود ابناء الطائفة القبطية حيث لا ينقطع راعي الكنيسة القبطية في لبنان الاب لويس الاورشليمي في استقبال المعزين بالضحايا في كنيسته الوديعة في جسر الباشا، وهو محاط بعدد من الكهنة والآباء من الطوائف المسيحية الكاثوليكية والارثوذكسية والمارونية الاخرى، فضلا عن شخصيات من ابناء الطائفة القبطية، ولا يتوقف الاب الاورشليمي في سرد واقعة التفجير الاخيرة في كنيسة القديسين في الاسكندرية وخلفياتها، موجها العتب الكبير على من يرضى بنفسه ان يكون عميلا للخارج لتنفيذ مثل هذه الاعمال بحق المدنيين المؤمنين الأبرياء، لافتا الى الدور الذي يجب ان تلعبه القوى الامنية والسلطات لوقف مثل هذه التعبئة التي تسعى اسرائيل دوما لاستغلالها في كل مناسبة وعند كل مفترق.
[ ماذا عن الوضع الراهن الآن؟
- الوضع كان سيئا لأنه ترافق مع السنة الجديدة، لكنه ليس سيئا للغاية لأننا دوما نتوقع التجارب وضيقات، واذا قلنا نحن المسيحيين نريد ان نعيش من دون تجارب وضيقات فلا نكون مسيحيين، لان السيد المسيح قال لنا: ان لم تدخلوا من الباب الضيق فلن تدخلوا باب السماوات، ومَنْ لم يحمل الصليب ويتبعني فلا يستحق ان يكون مسيحيا، فيجب ان نكون دوما مستعدين لحمل الصليب، يعني مستعدين لاي تجربة ولاي ضيقة، يجب ان نتحمل، وبالوقت نفسه يجب ان نكون متسامحين لان السيد المسيح سامح حتى صالبيه، وقال لنا اغفروا يغفر لكم. الانجيل هو حياة، نحن نعيشه. ان كنا نتأثر بهذه التجارب فهي تعطينا قوة وثباتا وازديادا في الايمان ومن دون الاستشهاد لما وصل الايمان الينا، فالشهداء هم شهود المسيح. فالناس الابرياء الذين استشهدوا هم شهود للمسيح، والذي حدث لانهم متمسكون بدين المسيح والحضور اصبح ازود بالكنيسة والناس لا تخاف، ونحن لا نواجه الشر بالشر، ولا الشتيمة بالشتيمة، بل على الاكثر مباركين، ونحن تعودنا على هذا.
[ الشعب المصري شعب مسالم فمن اين جاءت هذه الاعمال؟ ومَنْ تتهمون؟
- ان ما حصل هو نتيجة حتمية لرفضنا للتطبيع، فإن كانت الايادي خارجية لكن المنفذين هم من اخضعوا انفسهم لهذه الايادي، المنفذ هو من الداخل، لكن اخضع نفسه للايادي الخارجية، وصار لعبة بين هذه الايادي، المطلوب ان يتدارك الحكماء والعقلاء هذا الامر، وازالة المسببات التي ادت الى ذلك، والا نكون نخدم الجهات الخارجية التي تخطط لمثل هذه الاعمال، المطلوب معالجة من خلال وعي المسؤولين المصريين اولا، لانهم ان لم يعوا لطبيعة الوضع سيزداد الامر سوءا. واذا تركت الايادي العبثية تعبث فالمخططات تستفحل في كل الدول العربية، واذا تركنا المواضيع عالقة سينعكس علينا سلبا. يجب معالجة الشحن الطائفي ويجب معاقبة المجرم لاننا اذا تركنا هذين الامرين نكون نشجع، اذا أبقينا على بعض القوانين التي تحرم الآخر من العيش بحرية نكون نشجع التطرف.
[ الاستنكار كان شاملا على المستويين العربي والاسلامي، فكيف تلقيتم حركة الاستنكارات خصوصا من العرب والمسلمين؟
- هل الاستنكار كاف؟ منذ زمن ونسمع استنكارات ونشجب، علينا ان نعمل، الجميع مسؤول، منذ 60 سنة ونحن نستنكر ما تفعله اسرائيل بالعرب ما هي النتيجة؟ هل وصل الفلسطينيون الى نتيجة ايجابية؟ يجب ازالة ما يعكر صفو الجميع، التعايش مطلوب لكن يجب ان نهيئ الجو لهذا التعايش.
[ تحدث الرئيس المصري حسني مبارك عن أياد خارجية. هل وردتكم معلومات معينة عن الجهة المنفذة؟
- هو اكثر علما منا بهذه الايادي، انا لست رجل امن بل رجل دين، عملي ان ارشد الناس للخير، عملي ان ارشد الناس الى طريق ربنا، وليس عملي التحقيق الجنائي والبحثي والامني والعمل السياسي، فاذا كان سيادة الرئيس يلمح الى ايادٍ خارجية فهو يعرف، وعليهم كدولة دور ان يبتروا هذه الايادي، فكيف يكون البتر؟ في إلغاء مَنْ يتعامل مع هذه الايادي، لان المنفذ من الداخل، فاذا تركت هذه الايادي ستعبث بكل شيء. وكل انسان عليه ان يقوم بمسؤوليته. انا مسؤوليتي ان اهدئ الناس وأوجههم الى احتمال هذه التجارب التي تكون لثبات الانسان ولصالح الانسان.
[ خرجت بعض المواقف من رجال دين مسيحيين من الكنيسة القبطية تنادي ببعض المواقف ضد الاسلام. فما هو موقفكم منها؟
- قد تكون النفوس مجروحة، وليس كل قبطي محسوباً على الكنيسة القبطية، الكنيسة لها رأس ورئيسها المتكلم هو البابا شنوده، وكل الاصوات الاخرى التي تنادي من هنا او هناك ليس لها صدى، البابا شنوده هو الصوت الوحيد المعبر عن مواقف الكنيسة، ومن يتكلم خارج هذا السياق ليس بمسؤول.
[ أخذ عليكم حجر سيدتين قبطيتين اعتنقتا الاسلام، ويروى ان من اسباب التصعيد هذا الامر. ماذا تقولون ككنيسة قبطية؟
- هذا افتراء وادعاء، وقالوا اكثر من ذلك، قالوا ان السيدتين ذهبتا الى الازهر لإشهار اسلامهما. لكن شيخ الازهر اعلن في موقف علني اكثر من مرة ان هاتين السيدتين لم تأتيا الى الازهر ولم تعلنا اسلامهما، انما هذه الامور تأتي في سياق عمليات الخطف التي تتعرض لها الفتيات في مصر، وهذا ليس بجديد والمفروض ان تمارس الدولة دورها كاملة لمكافحة هذه الامور. عرض مرة على شاشة التلفزيون احدى الفتيات المصريات التي تعرضت للخطف وكان الخاطف من رجال الامن من الشرطة، خطفها وعمرها 15 سنة وتزوجها وهي قاصر، وتحدثت هذه الفتاة على احدى الفضائيات المصرية. ان شيخ الازهر اعلن ان السيدتين لم تشهرا اسلامهما وتحدثتا امام المحكمة وامام وسائل الاعلام انهما مسيحيتان وستموتان مسيحيتين.
[ من تعتقد الكنيسة القبطية ان له مصلحة في بث الفرقة والفتنة بين المسيحيين والمسلمين في مصر؟
- الموقف القومي للكنيسة القبطية هو السبب، ورفض التطبيع هو السبب، الايادي معروفة، نعم هذه اشارة نحو اسرائيل، لكن من تستخدم في الداخل ومن حضّر الارضية لاسرائيل؟، على القيادة المصرية ان تعي لهذا المخطط وان تعمل لإبطاله.
[ هل من دور برأيكم للفوضى الخلاقة في مصر؟
- هذا ما تريده الايادي الخارجية من الفوضى، لان الفوضى تضر بالجميع والمركب السائرة تحمل من الجميع وعندما تغرق، تغرق بكل ركابها.
[ هل تعتبر ان ما يحصل في المنطقة هو مسلسل واحد من العراق الى السودان ومصر؟
- علينا دور الا نترك هذا المسلسل يستفحل ويتواجد، واذا تركنا الحلقة الاولى من هذا المسلسل قد نصل الى الحلقة الثلاثين، وقد لا تتوقف الحلقات، ولكن اذا اوقفنا المسلسل من اوله نكون قد ابطلنا هذا المسلسل الاجرامي. وهنا اثني بالمناسبة على الوعي الذي ساد في لبنان من خلال وقف برنامج خاص ينافي العقيدة المسيحية، اذ تجاوبت المحطة التي عرضته واوقفت بقية الحلقات، فهذا هو الحال حتى في السياسة، فاذا اوقفنا الحلقة الاولى تسير المركب بسلام.
[ كيف ترى مستقبل العلاقات الاسلامية المسيحية في مصر؟
- لن نستطيع ان نخرج انفسنا من بعض لاننا متداخلون، ولم تظهر الخلافات الا في الآونة الاخيرة، وبكل اسف نقول انها لم تأت من فراغ بل من تعبئة معينة، وان كان الخارج ساهم واستغل الموقف.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.