8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ساعة الحقيقة في الميدان الشيعي بين ثقافة المغالين وثقافة المنفتحين

يستمر التباين على الساحة الشيعية على خلفية تكريمين، الأول تقيمه جهة إيرانية هي جامعة المصطفى للسيد جعفر مرتضى اليوم الخميس، والثاني دعا اليه محبو ومريدو مرجعية السيد محمد حسين فضل الله، الذين دعوا في البداية إلى التظاهر في مكان التكريم الاول عند ثانوية المهدي الحدث - ولكنهم ما لبثوا ان اخذوا بتمنيات العقلاء والحكماء، حسب بيان لهم منشور على صفحتهم على الفيسبوك، فدعوا الى قراءة الفاتحة على ضريح العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله في مسجد الحسنين في حارة حريك في التوقيت نفسه الذي من المتوقع ان يحصل فيه التكريم الاول عند الخامسة والنصف مساء.
غليان التباينات يتصاعد من قلب الضاحية الجنوبية، ولكن على نار خفيفة، ويبدو ان تيار السيد فضل الله يحمل المسؤولية كاملة للإيرانيين وخصوصا بعد معرفتهم بأن هناك ممثلا للمرشد الإيراني السيد علي خامنئي سيلقي كلمة في تكريم السيد جعفر مرتضى الذي يحصل برعاية المرشد، ولا يدري أحد ما إذا كان تيار السيد فضل الله قد فوجئ بأن الاحتفال ستتخلله كلمة للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وربما للشيخ عبدالأمير قبلان بنفسه، ام انهم اعتادوا ان تكون الفرق الشيعية بمعظمها في مواجهتهم لان المحرك الرئيسي للاحتفال والراعي هو إيران من خلال جامعة إيرانية رسمية او ممثل للمرشد.
المعركة لا تدور رحاها على ارض الضاحية الجنوبية فقط بل عبر مساحات الفضاء الافتراضي وصفحات التواصل الاجتماعي التي زادت عناوينها وانبرى كتبة جدد عليها، يدافعون عن السيد فضل الله ويصفونه بـالمظلوم، وان الكل يتعاون لمنع استمرار تقليده، ولتشويه تراثه ومنع الاجيال الجديدة من التأثر بكلماته، واكثر من ذلك هنالك من يهمس بأنهم فشلوا طوال هذه السنوات في اطفاء نوره ويريدوننا في هذه الايام ان نقتنع بأنهم لا يعملون لتمرير مشروع ثقافي كبير اساسه سيادة الفكر الخرافي المغالي على الفكر التنويري في الساحة الاسلامية الشيعية.
وتبدو إيران الاسلامية في وضع لا تحسد عليه في هذه المعركة فهي ربما للمرة الاولى تظهر بشكل مكشوف ضد تيار السيد فضل الله الذي حاربت مرجعيته بالوكالة من خلال السيد مرتضى الذي تكرمه في هذه الايام وغيره.. ولكنها في هذه الايام بحاجة إلى بيان تماسك الشيعة وتآزرهم في معاركها.. المفتوحة في الوطن العربي، ومع ذلك ربما لا تحسب حسابا كبيرا لما تقوم به في لبنان.. او ربما استوطت حيط تيار السيد فضل الله الذي على ما يبدو فاجأها بصحوته المتأخرة.
ثمة في الضاحية الجنوبية منشورات توزع تدعو إلى إلغاء هذا التكريم والتنبه الى الفتنة، وثمة من يتحضر لإحياء الذكرى السادسة لرحيل السيد فضل الله التي باتت على الابواب او هي وقعت في الثاني والعشرين من رجب حسب التوقيت الهجري كما كتب نجله السيد جعفر فضل الله.. وثمة من ينتظر انقشاع المشهد في الشوط الاخير، فربما تراجع المكرمون بعدما بلغت القلوب الحناجر.. ولكن ثمة من يتحدث من خلف كل هذه التطورات عن أنها ليست معركة السيد فضل الله وتياره مع إيران.. وانها ساعة الحقيقة في الميدان الشيعي بين ثقافة المغالين وثقافة المنفتحين العروبيين الذين يحظون باحترام اهل السنة والمسيحيين وكل الاطراف، فلمن تكون الغلبة في نهاية المطاف؟
والجدير ذكره ان مريدي ومحبي السيد فضل الله كانوا قد اصدروا بيانا أطلقوا عليه رقم (1) محذرين من تكريم السيد مرتضى وهذا نصه: إن إقدام جامعة المصطفى - فرع لبنان التابعة لمؤسسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الإعلان عن تكريم السيد جعفر مرتضى في الذكرى السنوية السادسة لرحيل سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله يكشف ربما للمرة الأولى وبالدليل القاطع عن الجهة التي كانت خلفه في حربها على تيار الوعي في الأمة ومحاولاته المستمرة لتشويه صورة سماحة السيد فضل الله وفكره الإسلامي والإنساني والوحدوي.
إن هذا الفعل مع كل ما يحمل في طياته من رسالة واضحة لدعاة الإسلام الوحدوي المنفتح، وللمسيرة الإسلامية كلها يمثل تشجيعاً لكل الأقلام التي حاربت وتحارب رموز الوعي في الأمة، وتكريماً للذين تصدرت إنجازاتهم على مدى نصف قرن (كما في بيان التكريم) إحداث فتنة في الواقع الإسلامي الشيعي، ولكل الذين يدعمون العدو الصهيوني وان بطريقة غير مباشرة بزعم أن المسجد الأقصى ليس هو الذي في فلسطين، وإنما هو في السماء الرابعة، ولكل الذين عملوا على احداث فتنة بين المسلمين السنة والشيعة، ولكل الذين عملوا على تقطيع الكلام وحرفه عن مواضعه في كتاباتهم ومقالاتهم، والتي اظهرها على حقيقتها كتاب: مراجعات في عصمة الأنبياء للكاتب عبد السلام زين العابدين.
إننا ندعو كل محبي ومريدي وتيار العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله إلى التعبير الراقي والواعي عن رفضهم لهذا الفعل الذي أقل ما يقال فيه بأنه اعتداء عليهم وعلى كرامتهم ومؤسساتهم ومرجعيتهم الدينية والفكرية وعلى مدرسة الوعي التي تمثل الوجه المشرق في الأمة والتي يُراد إسقاطها لحساب تيار المغالاة والخرافة والتحريف والتمزيق.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00